والصُّلحُ على ضَربَيْنِ: تارةً يَكونُ على غيرِ المُدَّعَى فيه، وتارةً يَكونُ على بَعضِه.
فإنْ كان على غيرِ المُدَّعَى فيه -مِثلَ أنْ يَدَّعيَ عَرضًا أو طَعامًا- فيُصالِحُه على نَقدٍ يَدفَعُه له مِنَ الدَّنانيرِ أو الدَّراهِمِ، أو على عَرضٍ أو طَعامٍ مُخالِفٍ لِما ادَّعى، ولا خِلافَ في كَونِ هذا بَيعَ مُعاوَضةٍ؛ لأنَّه صارَ بمَنزِلةِ مَنْ باعَ عَرضًا بنَقدٍ، أو بعَرضٍ يُخالِفُه، وكذلك في الطَّعامِ.
فيُشترَطُ فيه شُروطُ البَيعِ وانتِفاءُ مَوانِعِه؛ مِنْ كَونِه طاهِرًا مَعلومًا مُنتَفَعًا به مَقدورًا على تَسليمِه، ليس طَعامَ مُعاوَضةٍ، إلى غيرِ ذلك ممَّا تَقدَّم، كما لو ادَّعى عليه بعَرضٍ أو حَيَوانٍ أو بدَنانيرَ أو دَراهِمَ، فأقَرَّ المُدَّعَى عليه أو أنكَرَ أو سَكَتَ ثم صالَحَ بشَيءٍ مُخالِفٍ لِلمُدَّعَى به نَقدًا، فيُشترَطُ في المأخوذِ ما تَقدَّم مِنْ شُروطِ البَيعِ.
وإنْ كانَ الصُّلحُ على بَعضِ المُدَّعى به -مِثلَ أنْ يَدَّعيَ عليه شَيئًا فيُصالِحَه على بَعضِه ويُسقِطَ عنه بَعضَه، فهذا هِبةٌ لِلبَعضِ المَتروكِ، وإبراءٌ مِنَ المُدَّعِي مِنْ ذلك البَعضِ؛ وذلك لَازِمٌ لِلواهِبِ؛ إذْ هي مَقبوضةٌ، فيُشترَطُ فيها قَبولُ المَوهوبِ له في حياةِ الواهِبِ.
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود في «سننه» (٣٥٩٤)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٠٩١).