للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَبطُلُ الصُّلحُ، ولِلمُدَّعِي أنْ يَستوفيَ الذِّمَّةَ بعدَ مَوتِه، وكذا إذا ماتَ المُدَّعِي لا يَبطُلُ الصُّلحُ أيضًا في خِدمةِ العَبدِ وسُكْنى الدارِ وزِراعةِ الأرضِ، ويَقومُ وَرَثَتُه مَقامَه في الاستِيفاءِ، ويَبطُلُ في رُكوبِ الدَّابَّةِ ولُبسِ الثَّوبِ، ولا يَقومُ وَرَثتُه مَقامَه في الاستِيفاءِ؛ لأنَّ الناسَ يَتفاوَتونَ فيه.

وإنْ هَلَكَ الشَّيءُ الذي وَقَعَ الصُّلحُ على مَنفَعتِه أو استُحِقَّ بَطَل الصُّلحُ بالإجماعِ.

وصُورَتُه: ادَّعى على رَجُلٍ شَيئًا فاعتَرَف به، ثم صالَحَه على سُكنى دارٍ سَنةً، أو رُكوبِ دابَّةٍ مَعلومةٍ أو على لُبسِ ثَوبِه أو زِراعةِ أرضِه مُدَّةً مَعلومةً، فهذا الصُّلحُ جائِزٌ، فيَكونُ في مَعنى الإجارةِ، فيَجري فيه أحكامُ الإجارةِ، وهو تَمليكُ المَنافِعِ بمالٍ، فكُلُّ مَنفَعةٍ يَجوزُ استِحقاقُها بعَقدِ الإجارةِ يَجوزُ استِحقاقُها بعَقدِ الصُّلحِ (١).

وقال المالِكيَّةُ: الصُّلحُ على ثَلاثةِ أقسامٍ: وهو إمَّا بَيعٌ وإمَّا إجارةٌ وإمَّا هِبةٌ؛ لأنَّ المُصالَحَ به إنْ كان ذاتًا فبَيعٌ، وإنْ كان مَنفَعةً فإجارةٌ، وإنْ كان ببَعضِ المُدَّعَى به فهِبةٌ.

وهذه الأقسامُ الثَّلاثةُ تَجري في الصُّلحِ على الإقرارِ، وعلى الإنكارِ، وعلى السُّكوتِ، فهذه الثَّلاثةُ الصُّلحُ جائِزٌ فيها إنْ لَم يُؤَدِّ إلى حَرامٍ،


(١) «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٦، ٣٧)، و «الاختيار» (٣/ ٥، ٦)، و «اللباب» (١/ ٥٩٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٣٠٩)، و «الهداية» (٣/ ١٩٢)، و «العناية» (١٢/ ٥٧)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٢٣٠)، و «درر الحكام» (٤/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>