للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قَولٍ ثالِثٍ: إنْ لَزِمَه الدَّينُ باختيارِه لَم يُصدَّقْ إلا ببَيِّنةٍ، أو بغَيرِ اختيارِه صُدِّقَ بيَمينِه.

وتُقبَلُ بَيِّنةُ الإعسارِ في الحالِ، ولْيَقُلْ -أي: الشاهِدُ، وهو اثنانِ-: هو مُعسِرٌ، ولا يُمحَّضُ النَّفيُ، كقَولِه: لا يَملِكُ شَيئًا؛ لأنَّه لا يُمكِنُه الاطِّلاعُ عليه.

وإذا ثَبَتَ إعسارُه عندَ القاضي لَم يَجُزْ حَبْسُه، ولا مُلازَمَتُه، بل يُمهَلُ حتى يُوسِرَ؛ لِلآيةِ بخِلافِ مَنْ لَم يَثبُتْ إعسارُه، فيَجوزُ حَبسُه ومُلازَمتُه.

والغَريبُ العاجِزُ عن بَيِّنةِ الإعسارِ يُوكِّلُ القاضي به وُجوبًا مَنْ يَبحَثُ عن حالِه، فإذا غلَب على ظَنِّه إعسارُه شَهِدَ به؛ لِئلَّا يُخلَّدَ في الحَبسِ.

ولا يأثَمُ المَحبوسُ المُعسِرُ بتَركِ الجُمُعةِ؛ لأنَّه مَعذورٌ، ولِلقاضي مَنعُ المَحبوسِ منها إنِ اقتَضَتْه المَصلَحةُ، ومِنَ الاستِمتاعِ بالزَّوجةِ ومُحادَثةِ الأصدقاءِ، لا مِنْ دُخولِها لِحاجةٍ -كحَمَلِ طَعامٍ-، وله مَنعُه مِنْ شَمِّ الرَّياحينِ لِلتَّرَفُّهِ إلا لِحاجةٍ، كمَرَضٍ، لا مَنعُه مِنْ عَمَلِ صَنعةٍ في الحَبسِ، وإنْ كان مُماطِلًا.

ونَفَقتُه واجِبةٌ على نَفْسِه، وعليه أُجرةُ الحَبسِ؛ لأنَّها أُجرةُ المَكانِ.

ولو حُبِستِ امرأةٌ في دَينٍ لَم يَأذَنْ فيه الزَّوجُ سَقَطتْ نَفَقتُها مُدَّةَ الحَبسِ، ولو ثَبَتَ الدَّينُ ببَيِّنةٍ -كما لو وُطِئتْ بشُبهةٍ واعتَدَّتْ- فإنَّها تَسقُطُ، وإنْ كانَتْ مَعذورةً.

ومَن ثَبَت إعسارُه أُخرِجَ ولو بغَيرِ إذْنِ الغَريمِ؛ لِزَوالِ المُقتَضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>