فلو لَم يُوصِ الأبُ إلى أحَدٍ بالصِّفاتِ المُعتَبَرةِ، أو كان الأبُ مَوجودًا غيرَ مُتَّصِفٍ بالصِّفاتِ المُعتَبَرةِ، أقامَ الحاكِمُ أمينًا في النَّظَرِ لِليَتيمِ والمَجنونِ لانتِقالِ الوِلايةِ إليه.
فإذا لَم يُوجَدْ حاكِمٌ بالصِّفاتِ المُعتَبَرةِ فأمينٌ يَقومُ باليَتيمِ.
سألَ الأثْرَمُ الإمامَ عن رَجُلٍ ماتَ وله وَرَثةٌ صِغارٌ، كيف يَصنَعُ؟ فقال: إذا لَم يَكُنْ لهم وَصيٌّ ولَهم أُمٌّ مُشفِقةٌ تُدفَعُ إليها.
والجَدُّ لا وِلايةَ له؛ لأنَّه لا يُدلي بنَفْسِه، وإنَّما يُدلي بالأبِ، فهو كالأخِ.
والأُمُّ وسائِرُ العَصَباتِ لا وِلايةَ لَهم؛ لأنَّ المالَ مَحَلُّ الخيانةِ، ومَن عَدا المَذكورينَ أوَّلًا قاصِرٌ عنهم غيرُ مَأْمونٍ على المالِ.
وأمَّا السَّفيهُ فإنْ كان مَحجورًا عليه صَغيرًا، واستُديمَ الحَجْرُ عليه لِسَفَهِه فالوَليُّ فيه مَنْ ذَكَرناه، وإنْ جُدِّدَ الحَجْرُ عليه بعدَ بُلوغِه لَم يَنظُرْ في مالِه إلا الحاكِمُ؛ لأنَّ الحَجْرَ يَفتَقِرُ إلى حُكمِ حاكِمٍ؛ فيَفتَقِرُ زَوالُه إلى ذلك، فكذلك النَّظَرُ في مالِه.
ولا يَجوزُ لِوَليِّ الصَّغيرِ والمَجنونِ أنْ يَتصرَّفَ في مالِهما إلا على وَجْهِ الحَظِّ لَهما؛ لقَولِ اللهِ ﷾: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٢]، والمَجنونُ في مَعناه.
فإنْ تَبرَّعَ بهِبةٍ أو صَدَقةٍ أو حابَى بأنِ اشتَرَى بزيادةٍ أو باعَ بنُقصانٍ أو زادَ على النَّفَقةِ عليهما بالمَعروفِ أو زادَ على النَّفَقةِ على مَنْ تَلزَمُهما مُؤنَتُه مِنْ زَوجةٍ ونَحوِها بالمَعروفِ ضمِن؛ لأنَّه مُفرِّطٌ، كتَصرُّفِه في مالِ غَيرِهما.