للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُمْ المُتلِفينَ لِمالِهم والمُفرِّطينَ في مُعامَلَتِه، فإنَّ السَّبَبَ المُوجِبَ لرَدِّ أفعالِه ظاهِرٌ بَيِّنٌ لا يَحتاجُ إلى اجتِهادٍ ولا حُكومةِ حاكِمٍ؛ فالصِّغَرُ والجُنونُ أمرانِ مُشاهَدانِ، بخِلافِ السَّفَهِ (١).

وقال الشافِعيَّةُ: لا يَصحُّ مِنَ المَحجورِ عليه لِسَفَهٍ بَيعٌ ولو بغِبطةٍ، ولا شِراءٌ ولو في الذِّمَّةِ، ولا إعتاقٌ ولا هِبةٌ منه لِشَيءٍ مِنْ مالِه؛ لأنَّ تَصحيحَ ذلك يُؤدِّي إلى إبطالِ مَعنى الحَجْرِ.

أمَّا الهِبةُ له فالأصَحُّ صِحَّتُها؛ لأنَّه ليس بتَفويتٍ، بل تَحصيلٌ.

ولا يَصحُّ قَبولُ الوَصيَّةِ في المُعتمَدِ؛ لأنَّه تَصرُّفٌ ماليٌّ، وجَزَمَ الماوَرديُّ والرُّويانيُّ والجُرجانيُّ بالصِّحَّةِ لِقَبولِ الهِبةِ.

والفَرقُ بَينَهما أنَّ قَبولَ الوَصيَّةِ تَملُّكٌ، بخِلافِ قَبولِ الهِبةِ، وأنَّ قَبولَ الهِبةِ أيضًا يُشترَطُ فيه الفَورُ، ورُبَّما يَكونُ الوَليُّ غائبًا فتَفوتُ، بخِلافِ الوَصيَّةِ.

قال الماوَرديُّ : وإذا صَحَّحْنا قَبولَ ذلك لا يَجوزُ تَسليمُ المَوهوبِ والمُوصى به إليه، فإنْ سَلَّمَهما إليه ضمِن المُوصى به دونَ المَوهوبِ؛ لأنَّه مِلكُ المُوصى به بقَبولِه بخِلافِ المَوهوبِ.

ولا يَصحُّ منه كلُّ ما ذُكِرَ إلا إذا أذِنَ له وَليُّه به في أحَدِ الوَجهَيْنِ، كما يَصحُّ النِّكاحُ إذا أُذِنَ له فيه، وفي الوَجْهِ الآخَرِ: لا يَصحُّ؛ لأنَّ البَيعَ والشِّراءَ


(١) «شرح التلقين» (٣/ ٢١٦، ٢١٧)، ويُنظر: و «بلغة السالك» (٣/ ٤٢٢، ٤٢٣)، و «الذخيرة» (٧/ ١١٠، ١١١)، و «الفروق» (٢/ ٢٠٥)، و «الإشراف» (٣/ ٤٣، ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>