للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ كان في بَيعِه مَصلَحةٌ أجازَه الحاكِمُ؛ لأنَّ رُكنَ التَّصرُّفِ قد وُجِدَ، والتَّوقُّفُ كان لِلنَّظَرِ له، وقد نَصَّبَ الحاكِمُ ناظِرًا له يَتحَرَّى المَصلَحةَ فيه، كما في الصَّبيِّ الذي يَعقِلُ البَيعَ والشِّراءَ ويَقصِدُه.

ولو باعَ قبلَ حَجرِ القاضي جازَ عندَ أبي يُوسُفَ ؛ لأنَّه لا بُدَّ مِنْ حَجرِ القاضي عندَه؛ لأنَّ الحَجْرَ دائِرٌ بينَ الضَّرَرِ والنَّظَرِ، والحَجْرٍ لِنَظَرِه؛ فلا بُدَّ مِنْ فِعلِ القاضي.

وعندَ مُحمدٍ : لا يَجوزُ؛ لأنَّه يَبلُغُ مَحجورًا عندَه؛ إذِ العِلَّةُ هي السَّفَهُ، بمَنزِلةِ الصِّبا، وعلى هذا الخِلافِ كذلك إذا بَلَغَ رَشيدًا ثم صارَ سَفيهًا.

وتُخرَجُ الزَّكاةُ مِنْ مالِ السَّفيهِ؛ لأنَّها وَجَبتْ بإيجابِ اللهِ ؛ كالصَّلاةِ والصَّومِ، وتُخرَجُ بإذْنِه، وقيلَ في السائِمةِ: بغَيرِ إذْنِه.

وقال في «الهِدايةِ»: يَدفَعُ القاضي قَدْرَ الزَّكاةِ إليه لِيُفرِّقَها إلى مَصرِفِها؛ لأنَّها عِبادةٌ ولا بُدَّ فيها مِنْ نيَّتِه، ولكِنْ يَبعَثُ معه أمينًا كي لا يَصرِفَه في غيرِ وَجهِه.

ويُنفِقُ على أولادِه وزَوجَتِه ومَن تَجِبُ عليه نَفَقتُه مِنْ ذَوي أرحامِه؛ لأنَّ هذه حُقوقٌ واجِبةٌ عليه، ولأنَّ السَّفَهَ لا يُبطِلُ حُقوقَ الناسِ، ويَدفَعُ القاضي النَّفَقةَ إلى أمينِه؛ لأنَّها ليستْ بعِبادةٍ، فلا يَحتاجُ إلى نيَّتِه، وهذا بخِلافِ ما إذا حلَف أو نَذَرَ أو ظاهَرَ، حيث لا يَلزَمُه المالُ فيُكفِّرُ عن يَمينِه وظِهارِه بالصَّومِ؛ لأنَّه مما وجَب بفِعلِه، فلو فَتَحنا هذا البابَ لنَفِدَتْ أموالُه بهذا الطَّريقِ، ولا كذلك ما يَجبُ ابتداءً بغَيرِ فِعلِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>