للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِنَ السَّفَهِ أنْ يَرميَ مالَه، وإنْ قَليلًا في بَحرٍ أو نارٍ أو نَحوِ ذلك، أو يُنفِقَ أموالَه في مُحرَّمٍ؛ لِما فيه مِنْ قِلَّةِ الدِّينِ، ولا يُؤمَنُ على مالِه إلا ذو عَقلٍ ودِينٍ.

والأصَّحُّ عندَهم أنَّ صَرْفَ المالِ في الصَّدَقةِ ووُجوهِ الخَيرِ والمَطاعِمِ والمَلابِسِ التي لا تَليقُ بحالِه ليس بتَبذيرٍ.

أمَّا في الأُولى -وهي الصَّرفُ في الصَّدَقةِ ووُجوهِ الخَيرِ، كبِناءِ المَساجِدِ والمَدارِسِ وفي الرِّقابِ- فلأنَّ له في الصَّرفِ في الخَيرِ عِوَضًا، وهو الثَّوابُ؛ فإنَّه لا سَرَفَ في الخَيرِ، كما لا خَيرَ في السَّرَفِ، وحَقيقةُ السَّرَفِ: ما لا يُكسِبُ حَمدًا في العاجِلِ ولا أجْرًا في الآجِلِ، ومُقابِلُ الأصَحِّ في هذا النَّوعِ أنَّه يَكونُ مُبذِّرًا إنْ بَلَغَ مُفرِطًا في الإنفاقِ، فإنْ عَرَضَ له ذلك بعدَ البُلوغِ مُقتصِدًا فلا.

وأمَّا في الأخرى -وهي الصَّرفُ في المَطاعِمِ والمَلابِسِ- فلأنَّ المالَ يُتَّخَذُ لِيُنتفَعَ به ويُلتَذَّ به.

ومُقابِلُ الأصَحِّ في هذا النَّوعِ يَكونُ تَبذيرًا عادةً، وهو اختيارُ إمامِ الحَرمَيْنِ والغَزاليِّ والرافِعيِّ وغَيرِهم (١).

وقال الحَنابِلةُ: السَّفيهُ الذي يُحجَرُ عليه هو الذي يُغبَنُ غَبنًا فاحِشًا، ويَصرِفُ مالَه فيما لا فائِدةَ فيه؛ كحَرقِ نَفطٍ يَشتَريه لِلتَّفرُّجِ عليه ونَحوِ ذلك.


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ١١٥)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤١٥)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٠٤، ٤٠٥)، و «الديباج» (٢/ ٢٣٧)، و «تحرير ألفاظ التنبيه» ص (٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>