للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافِعيَّةُ: لا يَصحُّ تَصرُّفُ الصَّبيِّ بحالِ أذِنَ له الوَليُّ أو لَم يَأذَنْ؛ لأنَّ عَدَمَ صِحَّةِ التَّصرُّفِ هو فائِدةُ الحَجرِ (١).

وقال الحَنابِلةُ في المَذهبِ: لا يَصحُّ بَيعُ المُمَيِّزِ والسَّفيهِ ما لَم يأذَنْ وَليُّهما، فإنْ أذِنَ صَحَّ؛ لقَولِ اللهِ : ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٦] معناه: اختَبِروهم لِتَعلَموا رُشدَهم، وإنَّما يَتحقَّقُ بتَفويضِ البَيعِ والشِّراءِ إليهما، ويَحرُمُ الإذْنُ بلا مَصلَحةٍ، ويَنفُذُ تَصَرُّفُهما في الشَّيءِ اليَسيرِ بلا إذْنٍ.

والرِّوايةُ الأُخرى عندَ الحَنابِلةِ: لا يَصحُّ بَيعُ الصَّبيِّ حتى يَبلُغَ؛ لأنَّه غيرُ مُكلَّفٍ، أشبَهَ غيرَ المُمَيِّزِ؛ ولأنَّه مما يَخفَى، فضَبَطَه الشارِعُ بحَدٍّ، وهو البُلوغُ، والسَّفيهُ مَحجورٌ عليه لِسُوءِ تَصرُّفِه وتَبذيرِه، فإذا أذِنَ له وَليُّه فقد أذِنَ فيما لا مَصلَحةَ فيه، ولا يَصحُّ بغَيرِ إذْنِه؛ لِما ذَكَرنا إلا في الشَّيءِ اليَسيرِ؛ لأنَّ الحِكمةَ في الحَجْرِ عليهما خَوفُ ضَياعِ مالَيْهما بتَصَرُّفَيْهما، وذلك مَفقودٌ في اليَسيرِ، يُؤيِّدُه أنَّ أبا الدَّرداءِ اشتَرى مِنْ صَبيٍّ عُصفورًا وأطلَقَه (٢).


(١) «التنبيه» (١/ ١٠٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٩)، و «الوسيط» (٣/ ٣٩٠)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٤١٧)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٤٤٤، ٤٤٥)، و «النجم الوهاج» (٤/ ١٧)، و «السراج الوهاج» (٢٠٦)، و «حاشية إعانة الطالبين» (٣/ ١٤).
(٢) «المغني» (٤/ ١٦٨)، و «الكافي» (٢/ ١٩٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٧٢، ١٧٣)، و «المبدع» (٤/ ٨)، و «الإنصاف» (١/ ٧٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>