للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَجِبُ بها عُقوبةٌ ولا يَنعقِدُ معها بَيعٌ أو شِراءٌ، ويَستمِرُّ هكذا حتى يَبلُغَ سِنَّ التَّمييزِ.

ثم اختَلَفوا في تَصرُّفاتِ الصَّبيِّ المُميِّزِ قبلَ البُلوغِ، هل تَصحُّ منه أم لا؟

فقالوا: التَّصرُّفاتُ الضَّارةُ بالصَّبيِّ كَتَبرُّعِه بمالِه وإقراضِه لا تَصحُّ مُطلَقًا، سَواءٌ أذِنَ الوَليُّ أو لا.

والتَّصرُّفاتُ النافِعةُ كقَبولِه الهِبةَ تَصحُّ منه، وإنْ لَم يأذَنِ الوَلِيُّ.

وأمَّا التَّصرُّفاتُ الدائِرةُ بينَ النَّفعِ والضَّررِ كالبَيعِ والشِّراءِ فاختَلَفوا فيها: فقال الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ: تَصحُّ منه، وتَتوقَّفُ على إذْنِ الوَليِّ، فإنْ أذِنَ مَضَتْ، وإلا فلا، وقال الحَنابِلةُ في المَذهبِ: لا تَصحُّ منه إلا بإذْنِ الوَليِّ، فإنْ أذِنَ صَحَّ.

وقال الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ: لا تَصحُّ تَصرُّفاتُ الصَّبيِّ مُطلَقًا، سَواءٌ أذِنَ الوَليُّ أو لَم يأْذَنْ.

واتَّفَقوا على أنَّه إذا أتلَفَ شَيئًا ضمِنه، وهذا في الجُملةِ، وتَفصيلُه على ما يَلي:

قال الحَنفيَّةُ: الصَّبيُّ إمَّا أنْ يَتصرَّفَ تَصرُّفًا فيه ضَرَرٌ بَيِّنٌ؛ كالطَّلاقِ والعِتاقِ وتَبرُّعِه بشَيءٍ مِنْ مالِه وإقراضِه، فهذا لا يَصحُّ منه، ولا يَنفُذُ، وإنْ أذِنَ فيه الوَليُّ، وإمَّا أنْ يَتصرَّفَ تَصرُّفًا نافِعًا، كقَبولِ الهِبةِ والصَّدَقةِ، فهذا يَصحُّ منه ويَنفُذُ، وإنْ لَم يَأْذَنْ فيه الوَليُّ.

وإمَّا أنْ يَتصرَّفَ تَصرُّفًا دائِرًا بينَ النَّفعِ والضَّرَرِ كالبَيعِ والشِّراءِ، فهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>