وجُعِلَ قَبلَه «حتى» كالغايةِ لِهذا الاختبارِ، فإنْ أثَّرَ هذا الاختبارُ قبلَ البُلوغِ بوُقوعٍ عامٍّ في النَّفْسِ برُشدِ اليَتيمِ دُفِعَ إليه مالُه عُقَيبَ البُلوغِ على الفَورِ، ويَكونُ قَولُ اللهِ ﷾: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾ [النساء: ٦]، الفاءُ فيه لِلتَّعقيبِ، والمُرادُ: فإنْ عَلِمتُم منهم بذلك الاختبارِ المُتقدِّمِ رُشدًا فادفَعوا إليهم أموالَهم على البِدارِ والفَورِ.
ولأن اليَتيمَ إذا بَلَغَ يُمكِنُ أنْ يَكونَ في مَعلومِ اللهِ ﷾ قد بَلَغ رَشيدًا، والرَّشيدُ لا يَحِلُّ إمساكُ مالِه عنه، فإذا كان الاختبارُ بعدَ البُلوغِ خِفْنا أنْ نَقَع في مُحرَّمٍ، فكان الاحتياطُ الهُروبَ عنه، ولا يَحصُلُ ذلك إلا بالاختبارِ قبلَ البُلوغِ.
قال ابنُ قُدامةَ ﵀: ووَقتُ الاختبارِ قَبل البُلوغِ في إحدى الرِّوايتَيْنِ؛ لأنَّ اللهَ ﷾ قال: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦]، فظاهِرُ الآيةِ أنَّ ابتِلاءَهم قبلَ البُلوغِ لِوَجهَيْنِ: