واجِبةٌ على الراهِنِ دونَ المُرتَهَنِ؛ لِقوَلِ النَّبيِّ ﷺ:«لا يَغلَقُ الرَّهنُ مِنْ راهِنِه الذي رهَنه، له غُنمُه وعليه غُرمُه»، ولأنَّ نَفَقةَ الرَّهنِ - لو كان دابَّةً- واجبةٌ على الراهِنِ، فكذلك الثَّمَرةُ.
فإنِ اكتَرى المُرتَهَنُ مَنزِلًا مِنْ مالِه لِإحرازِ الرَّهنِ فيه فلا يَخلو حالُ الراهِنِ مِنْ أحَدِ أمرَيْنِ:
إمَّا أنْ يَكونَ حاضِرًا أو غائبًا، فإنْ كان الراهِنُ حاضرًا لَم يَخْلُ حالُ المُرتَهَنِ في دَفعِ الكِراءِ مِنْ أحَدِ أمرَيْنِ: إمَّا أنْ يَدفَعَه بإذْنِ الراهِنِ، أو بغَيرِ إذْنِه، فإنْ دَفَعه بغَيرِ إذْنِه كان مُتطوِّعًا به، وليس له الرُّجوعُ، وإنْ دَفَعه بإذْنِه فعلى ضَربَيْنِ:
أحَدُهما: أنْ يَكونَ بشَرطِ الرُّجوعِ بما يَدفَعُ، فله أنْ يَرجِعَ به على الراهِنِ.
والآخَرُ: أنْ يَكونَ بغَيرِ شَرطِ الرُّجوعِ، ففي رُجوعِه على الراهِنِ وَجهانِ.
فأمَّا إنْ كان الراهِنُ غائبًا فإنْ دَفَع المُرتَهَنُ الكِراءَ بإذْنِ الحاكِمِ فله الرُّجوعُ به، وإنْ كان بغَيرِ إذْنِه فإنْ كان الحاكِمُ مَوجودًا والمُرتَهَنُ قادرًا على استِئذانِه فلا رُجوعَ لِلمُرتَهَنِ بالكِراءِ، وإنْ كان الحاكِمُ غيرَ مَوجودٍ ففي رُجوعِه على الراهِنِ بالكِراءِ وَجهان (١).
وقال الحَنابِلةُ: مُؤنةُ الرَّهنِ مِنْ طَعامِه وكِسوَتِه ومَسكَنِه وحِفظِه وحِرزِه ومَخزَنِه وغَيرِ ذلك على الراهِنِ؛ لقَولِ النَّبيِّ ﷺ:«الرَّهنُ مِنْ راهِنِه، له غُنمُه وعليه غُرمُه»، ولأنَّه نَوعُ إنفاقٍ، فكان على الراهِنِ كالطَّعامِ،