للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراهِنُ حاضِرًا أو غائِبًا، مَليئًا أو مُعدِمًا، ولو زادَتِ النَّفَقةُ على قيمةِ الرَّهنِ؛ لأنَّه مالِكٌ له وله غَلَّتُه؛ ولأنَّ مَنْ له الغَلَّةُ عليه النَّفَقةُ كالبَيعِ الفاسِدِ، فالنَّفَقةُ على الرَّهنِ كالسَّلَفِ.

إلا أنْ يُصرِّحَ الراهِنُ بأنَّه رَهنٌ بها، فإنْ صرَّح بأنْ قال الراهِنُ لِلمُرتَهَنِ: «أنفِقْ على الرَّهنِ وهو رَهنٌ في النَّفَقةِ، أو بما أنفَقتَ»، أو: «على ما أنفَقتَ»، كان رَهنًا بها يُقدَّمُ على الغُرماءِ بنَفَقتِه في ذلك الرَّهنِ قَطعًا، وله حَبسُه بنَفَقتِه وبما رَهَنه فيه.

ومَن ارتَهَن نَخلًا ببِئرِها، أو زَرعًا أخضَرَ ببِئرِه فانهارَتِ البِئرُ وأبى الراهِنُ أنْ يُصلِحَها، فأصلَحَ المُرتَهَنُ البِئرَ وأنفَقَ عليها لِخَوفِ هَلاكِ الزَّرعِ والنَّخلِ والشَّجَرِ فلا رُجوعَ له بما أنفَقَ على الراهِنِ، ولكنْ يَكونُ له ذلك في ثَمَنِ النَّخلِ أو الزَّرعِ قبلَ دَينِه؛ لأنَّه إذا لَم يُنفِقْ على ذلك هَلَك الرَّهنُ، فلَحِقَه الضَّرَرُ، فإنْ ساوى ما ذُكِرَ النَّفَقةَ أخَذَها المُرتَهَنُ، وإنْ قَصُرَ ذلك عن نَفَقتِه لَم يَتبَعِ الراهِنَ بالزائِدِ وضاعَ عليه، وكان أُسوةَ الغُرماءِ بدَينِه، وإنْ زادَ على نَفَقتِه بُدِئَ بها في دَيْنِه، فإنْ زاد شَيءٌ كان لِلراهِنِ (١).

وقال الشافِعيَّةُ: إذا رهَنه ثَمَرةً فعلى الراهِنِ سَقيُها وصَلاحُها وجِدادُها وَتشميسُها، وكلُّ ما احتاجَتِ الثَّمَرةُ إليه مِنْ نَفَقةِ سَقيٍ أو مُؤنةِ حِفظٍ فهي


(١) «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٥٤، ٢٥٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ١٠٦، ١٠٩)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٤٠٧، ٤٠٩)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٦، ٢٩)، و «الإشراف» (٣/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>