للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا إذا كان المَرهونُ مما لا يُغابُ عليه -كالعَقارِ والدُّورِ والحَيوانِ-، أو كان الرَّهنُ بيَدِ أمينٍ، أو قامَتْ بَيِّنةٌ على تَلَفِه بلا تَعَدٍّ ولا إهمالٍ مِنَ المُرتَهَنِ فلا يَضمَنُه المُرتَهَنُ عندَ هَلاكِه إلا إذا قامَتِ البَيِّنةُ على كَذِبِه.

والدَّليلُ على التَّفرِقةِ بينَ ما يُغابُ عليه فيَضمَنُه المُرتَهَنُ وبَينَ غَيرِه مما لا يَضمَنُه أنَّ الرَّهنَ أخَذَ شَبَهًا مِنَ المَضمونِ وشَبَهًا مِنَ الأمانةِ، فلَم يَكُنْ له حُكمُ أحَدِهما على التَّجريدِ، ويُبيِّنُ ذلك أنَّ الأمانةَ المَحضةَ ما لا نَفعَ فيها لِقابِضِها، بل النَّفعُ كلُّه لِلمالِكِ -كالوَديعةِ-، وأنَّ المَضمونَ المَحضَ ما يَكونُ النَّفعُ فيه كلُّه لِقابِضِه -كالمُشتَري-، أو بتَعَدِّي جِنايةٍ، كالغَصبِ، ومَسألَتُنا عاريةٌ مِنْ كلِّ ذلك، فلَم يَكُنْ له حُكمُ أحَدِهما على التَّجريدٍ، فيَجِبُ الفَصلُ بَينَهما، وإذا وجَب ذلك لَم يَبقَ إلا ما قُلناه.

ويَضمَنُه المُرتَهَنُ بالشُّروطِ المَذكورةِ، ولو شرَط في عَقدِ الرَّهنِ أنَّه لا ضَمانَ عليه، ولا يُفيدُه شَيئًا -عندَ ابنِ القاسِمِ-؛ لأنَّ التُّهمةَ قائِمةٌ مع عَدَمِ البَيِّنةِ، خِلافًا لِأشهَبَ القائِلِ بعَدَمِ الضَّمانِ عندَ الشَّرطِ (١).


(١) يُنظر: «بداية المجتهد» (٢/ ٢٠٨)، و «تحبير المختصر» (٤/ ١٠٩، ١١٢)، و «القوانين الفقهية» (١/ ٢١٣)، و «الإشراف» (٣/ ٢٠، ٢١) رقم (٨٨١)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٥٦)، و «بلغة السالك» (٣/ ١٢٥)، و «الأم» (٣/ ١٦٧)، و «الحاوي الكبير» (٦/ ٢٥٥، ٢٥٦)، و «القليوبي» (٢/ ٢٧٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٦٢، ٦٣)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٣٢٨، ٣٢٩)، و «المغني» (٤/ ٢٥٨، ٢٥٩)، و «الكافي» (٢/ ١٣٥)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١١٨)، و «الإنصاف» (٥/ ١٥٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٤١)، و «الأوسط» (٥/ ٦٨١، ٦٨٤)، و «الإفصاح» (١/ ٤١٩، ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>