للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلشَّهادةِ على الدَّينِ أو لِيُغَرَّمَها المُرتَهَنُ، حيثُ يَتوَجَّهُ عليه الغُرمُ، فإنَّهما يَتواصَفانه، ثم يُدعى له المُقوِّمونَ، فإنِ اتَّفَقا على الصِّفةِ فإنَّ أهلَ الخِبرةِ يُقوِّمونها ويُقضى بقَولِهم، وهو مِنْ بابِ الشَّهادةِ، فلا بُدَّ مِنَ التَّعدُّدِ، لا مِنْ بابِ الإخبارِ.

فإنِ اختَلَفا -أي: الراهِنُ والمُرتَهَنُ- في الدَّينِ، أو في صِفةِ الرَّهنِ فالقَولُ قَولُ المُرتَهَنِ، ولو ادَّعى شَيئًا يَسيرًا؛ لأنَّه غارَمٌ، وقال أشهَبُ: إلا أنْ يَتبيَّنَ كَذِبُه لِقِلَّةِ ما ذُكِرَ جِدًّا.

فإنْ هَلَك أو ضاعَ عندَ المُرتَهَنِ وجَهِلَ الراهِنُ، والمُرتَهَنُ صِفَتَه وقيمَتَه بأنْ قال كلٌّ: «لا أعلَمُ قيمَتَه الآنَ، ولا صِفتَه»، فإنَّه لا شَيءَ لِواحِدٍ منهما قبلَ صاحِبِه؛ لأنَّ كلًّا لا يَدري هل يَفضُلُ له شَيءٌ عندَ صاحِبِه أو لا.

وإذا كان الرَّهنُ مَوجودًا واختَلَف الراهِنُ والمُرتَهَنُ في قَدْرِ الدَّينِ فإنَّ قيمَتَه تُعتبَرُ يَومَ الحُكمِ؛ لِتَكونَ شاهِدةً لأيِّهما، لا يَومَ الارتِهانِ؛ لأنَّ الشاهِدَ إنَّما تُعتبَرُ شَهادَتُه يَومَ الحُكمِ بها، فكذلك الرَّهنُ.

وفي اعتبارِ القيمةِ -إذا تلِف الرَّهنُ واختَلَفا في قَدْرِ الدَّينِ- ثَلاثةُ أقوالٍ، كلُّها مَرويَّةٌ عن ابنِ القاسِمِ:

الأوَّلُ: تُعتبَرُ قيمَتُه يَومَ التَّلَفِ؛ لأنَّ قيمةَ الرَّهنِ إنَّما تُعتبَرُ يَومَ الضَّياعِ؛ لأنَّ عَينَه كانتْ أوَّلًا شاهِدةً.

الثاني: تُعتبَرُ قيمَتُه يَومَ القَبضِ؛ لأنَّ القيمةَ كالشاهِدِ يَضَعُ خَطَّهُ ويَموتُ فيُرجَعُ لِخَطِّه فيُقضى بشَهادَتِه يَومَ وَضعِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>