للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيثُ سَقَطَ دَينُه في مُقابِلِ هَلاكِ المَرهونِ، وهو ما يَدلُّ على أنَّ يَدَ المُرتَهَنِ يَدُ ضَمانٍ بالنِّسبةِ إلى ما يُعادِلُ قَدْرَ الدَّينِ.

ووَجْهُ الدّلالةِ أنَّه لا يَجوزُ أنْ يُقالَ ذهَب حَقُّكَ في الحَبسِ؛ لأنَّ هذا مما لا يُشكِلُ، ولأنَّ ذِكرَ الحَقِّ مُنَكَّرًا في أوَّلِ الحَديثِ، ثم إعادَتَه مُعَرَّفًا يَكونُ المُرادُ بالمُعرَّفِ ما هو المُرادُ بالمُنكَّرِ، قال الله : ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل: ١٥ - ١٦].

ولأنَّ السَّلَفَ مِنَ الصَّحابةِ والتابِعينَ اتَّفَقوا على ضَمانِ الرَّهنِ، إلا أنَّهم اختَلَفوا في كيفيةِ ضَمانِه (١).

وذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ وهو مَذهبُ المالِكيَّةِ في الجُملةِ إلى أنَّ يَدَ المُرتَهَنِ يَدُ أمانةٍ، فإذا هَلَك المَرهونُ لا يَضمَنُه إلا بالتَّعدِّي أو بالتَّقصيرِ في الحِفظِ.

واستَدَلُّوا بما رَوَى أبو هُرَيرةَ عن النَّبيِّ أنَّه قال: «لا يَغلَقُ الرَّهنُ ممَّن رَهَنه -أي: لا يُؤخَذُ منه قَسرًا-، له غُنْمُه وعليه غُرْمُه» (٢)،


(١) يُنظر: «بدائع الصنائع» (٦/ ١٥٤، ١٥٥)، و «المبسوط» (٢١/ ٦٥، ٦٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ١٨٣)، و «أحكام القرآن» (٢/ ٢٦٢)، و «مختصر اختلاف العُلماء» لِلطحاوي (٤/ ٣٠٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٥٤)، و «رد المحتار» (٥/ ١٢)، و «جامع الفصولين» (٢/ ١٦٠).
(٢) رواه بن حبان في «صحيحه» (٥٩٣٤)، والدارقطني في «سننه» (٣/ ٣٢)، والحاكم في «المستدرك» (١/ ٦٨) مِنْ طريقِ ابنِ عُيينةَ عن زِيادِ بنِ سَعدٍ عن الزُّهريِّ عن سَعيدِ بنِ المُسيّبِ عن أبي هُريرةَ مَرفوعًا به.
قال الدراقطني: زيادُ بنُ سعدٍ مِنَ الحفَّاظِ الثِّقاتِ، وهذا إسنادٌ حسنٌ متَّصلٌ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>