للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما رُويَ عن عَطاءٍ أنَّ رَجُلًا رهَن فَرَسًا فنَفَق -أي: مات- عندَ المُرتَهَنِ، فجاء إلى النَّبيِّ فأخبَرَه بذلك، فقال له: «ذهَب حَقُّكَ» (١)، ففي هذَيْنِ الحَديثَيْنِ دِلالةٌ على أنَّ المُرتَهَنَ تَحمَّلَ تَبِعةَ الهَلاكِ


(١) رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٤/ ٥٢٤)، وأبو داود في «مراسيله» (١٨٨)، والبيهقي في «الكبرى» (٦/ ٤١)، عن عبدِ اللهِ بنِ المُباركِ عن مُصعبِ بنِ ثابتٍ قال: سَمعتُ عطاءً يحدِّثُ فذكَره.
قلتُ: هو مُرسلٌ وفيه مُصعبُ بنُ ثابتٍ وهو ابنُ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ، وقد ضعَّفه أهلُ العِلمِ، فقالَ فيه الإمامُ أحمدُ: ضعيفُ الحديثِ. وقال ابنُ مَعينٍ: ضعيفٌ. وقال أبو حاتمٍ: كثيرُ الغَلطِ لَيسَ بالقويِّ. وقالَ النَّسائيُّ: لَيس بالقويِّ. وقال الدَّارقطنيُّ كذلك. وقالَ عبدُ الحقِّ الإشبيلِيُّ: هو مرسلٌ وضعيفٌ. انظرْ: «نصب الراية» (٤/ ٣٢١)، و «بيان الوهم والإيهام» (٣/ ٥٢٨) لابن القطَّانِ.
وقالَ البيهقيُّ: والأصلُ في هذا البابِ حديثٌ مرسلٌ، وفيه مِنَ الوهَنِ ما فيه .. فذكَره ثم قالَ: وقد كفَانا الشَّافعيُّ بيانَ وهَنِ هذا الحديثِ، وذلك فيما أجازَ لِي أبو عبدِ اللهِ الحافظُ روايتَه عنه أنَّ أبا العبَّاسِ حدَّثهم، قال: أنبأ الربيعُ الشَّافعيَّ أنبأَ إبرَاهِيمُ عن مُصعبِ بن ثابتٍ عن عَطاءٍ قال: زعَم الحَسنُ كذا ثم حكَى هذا القولَ، قالَ إبرَاهِيمُ: كان عطاءٌ يتعجَّبُ مما روى الحَسنُ، قال الشَّافعيُّ: وأخبرنِيهُ غيرُ واحدٍ عن مُصعبٍ عن عطاءٍ عن الحَسنِ وأخبَرنِي مِنْ أثقُ به أن رَجلًا مِنْ أهلِ العِلمِ رواهُ عن مُصعبٍ عن عطاءٍ عن النبيِّ وسكَت عن الحَسنِ فقلتُ لَه: أصحابُ مُصعبٍ يروُونَه عن عطاءٍ عن الحَسنِ، فقالَ: نَعم، كذلك حدَّثنا ولكنَّ عطاءً مرسلٌ أنفق مِنَ الحَسنِ مرسلٌ، قالَ الشَّافعيُّ: ومما يدلُّك على وهَنِ هذا عندَ عطاءٍ وإن كان رواهُ أن عطاءً يُفتي بخِلافِه ويَقولُ فيه بخِلافِ هذا كلِّه، يَقولُ فيما ظهَر هلاكُه أمانَة، وفيما خفِي هلاكُه يترَّادانِ الفَضل، وهذا أثبتُ الرِّواياتِ عنه. وقد رُوي عنه يترادَّانِ مُطلقةً وما شكَكْنا فيه، فلا نشكُّ أن عطاءً -إن شاءَ اللهُ- لا يروِي عن النَّبيِ مُثبتًا عندَه ويَقولُ بخِلافِه مع أني لَم أعلَمْ أحدًا يروِي هذا عن عطاءٍ يرفعُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>