اللهُ ﵎: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، ومُطلَقُ القَبضِ يَنصرِفُ إلى القَبضِ الحَقيقيِّ، ولا يَتحقَّقُ ذلك إلا بالنَّقلِ، فأمَّا التَّخلِّي فقَبضٌ حُكمًا، لا حَقيقةً، فلا يُكتَفى به.
أمَّا في العُرفِ: فإنَّ القَبضَ يَرِدُ على ما لا يَحتمِلُ النَّقلَ والتَّحويلَ مِنَ الدارِ والعَقارِ، يُقالُ: هذه الأرضُ أو هذه القَريةُ أو هذه الوِلايةِ في يَدِ فُلانٍ فلا يُفهَمُ منه إلا التَّخلِّي، وهو التَّمكُّنُ مِنَ التَّصرُّفِ.
وأمَّا في الشَّرعِ: فإنَّ التَّخلِّيَ في بابِ البَيعِ قَبضٌ بالإجماعِ مِنْ غيرِ نَقلٍ وتَحويلٍ، دَلَّ على أنَّ التَّخلِّيَ بدونِ النَّقلِ والتَّحويلِ قَبضٌ حَقيقةً وشَريعةً، فيُكتَفى به.
وقال الشافِعيَّةُ: صِفةُ القَبضِ هنا في العَقارِ والمَنقولِ، كما سبَق في البَيعِ، ويُطَّرَدُ الخِلافُ في كَونِ التَّخليةِ في المَنقولِ قَبضًا.
وقال الحَنابِلةُ: القَبضُ في الرَّهنِ كالقَبضِ في البَيعِ والهِبةِ، فإنْ كان مَنقولًا فبنَقلِه أو تَناوُلِه، وإنْ كان مَكيلًا فبكَيْلِه، أو مَوزونًا فبوَزنِه، أو مَذروعًا فبذَرعِه، أو مَعدودًا فبعَدِّه، وقَبضُ نَحوِ أرضٍ وشَجَرٍ يَكونُ بالتَّخليةِ بَينَه وبَينَ مُرتَهَنِه بغَيرِ حائِلٍ (١).
(١) يُنظر: «بدائع الصنائع» (٦/ ١٤١)، و «الهداية» (٤/ ١٢٦)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ٦٣)، و «البحر الرائق» (٨/ ٣٦٤)، و «اللباب» (١/ ٤٢٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ١٨٠، ١٨١)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ١١٥)، و «اللباب» (١/ ٤٢٥)، و «درر الحكام» (٢/ ٦٣)، و «الإشراف» (٣/ ٨) رقم (٨٦٣)، و «تحرير المقالة» (٦/ ١٩٢)، و «الجامع لِمسائل المدونة» (١٢/ ٥١٤)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٠٦)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٤١٠)، و «الحاوي الكبير» (٦/ ٧، ٨)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٢٧٣، ٢٧٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥، ٤٧)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٣٠٣، ٣٠٥)، و «المغني» (٤/ ٢١٦، ٢١٨)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٠٧)، و «الإفصاح» (١/ ٤١٥)، و «حاشية اللبدي» ص (١٩٣)، و «منار السبيل» (٢/ ٩٣).