للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - يُشترَطُ في الرَّهنِ أنْ يَكونَ الدَّيْنُ ثابِتًا في ذِمَّةِ الراهِنِ لِلمُرتَهَنِ:

فلِلرَّهنِ ثَلاثُ حالاتٍ:

الحالةُ الأُولى: أنْ يَقَع بعدَ ثُبوتِ الحَقِّ، كثَمَنِ مَبيعٍ بَعدَما أُبرِمَ البَيعُ، ولو قبلَ تَسليمِ المَبيعِ أو نَفَقةِ زَوجةٍ عن زَمَنٍ مَضى، أو مالٍ اقتَرَضَه الراهِنُ وقبَضه أو قبلَ قَبضِه ونَحوِ ذلك، فيَصحُّ الرَّهنُ، وهذا مما لا خِلافَ فيه بينَ المَذاهِبِ الأربعةِ، وحَكى ابنُ قُدامةَ فيه الإجماعَ (١).

وإنَّما صَحَّ الرَّهنُ في هذه الحالاتِ لأنَّ الحَقَّ قد ثَبَت فصارَتِ الحاجةُ داعيةً لأخْذِ الوَثيقةِ به، فصارَ الرَّهنُ ضَمانًا للدَّيْنِ، فجازَ أخْذُه به.

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَقَعَ الرَّهنُ مع العَقدِ المُوجِبِ للدَّيْنِ، كما لو قال: بِعْني هذا الثَّوبَ بمِئةٍ إلى شَهرٍ وأرهَنُكَ به هذه الساعةَ، فقال البائِعُ: «قَبِلتُ»، أو: «بِعتُكَ وارتَهَنتُ»، أو قال: «أقرِضْني ألْفًا إلى سَنةٍ وأرهَنُكَ به هذه السَّجادةَ»، فقال: «قَبِلتُ»، أو: «أقرَضتُكَ وارتَهَنتُ»، وهذا أيضًا صَحيحٌ وجائِزٌ باتِّفاقِ المَذاهِبِ الأربَعةِ؛ لأنَّ الحاجةَ تَدعو إلى ذلك، فلو لَم يُعقَدْ ذلك ويَشتَرِطْه مع ثُبوتِ الدَّيْنِ فرُبَّما لَم يَتمكَّنْ مِنْ إلزامِ المُشتَري أو المُقتَرِضِ بعَقدِ الرَّهنِ بعدَ ثُبوتِ الدَّيْنِ، فيَفوتَ حَقُّه في التَّوثُّقِ مِنْ دَيْنِه.

وأمَّا الحالةُ الثالِثةُ: فأنْ يَرهَنَه قبلَ الحَقِّ، فإذا حَصَل عَقدُ الرَّهنِ قبلَ ثُبوتِ الحَقِّ أو العَقدِ الذي يُوجِبُه فقد اختَلَف الفُقهاءُ فيه:

فذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَصحُّ الرَّهنُ قبلَ


(١) «المغني» (٤/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>