للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه إنْ كان بدَيْنٍ حالٍّ فمُقتَضاه أنْ تُؤخَذَ فتُباعَ فيُؤمَنَ أنْ تَهلِكَ بالعاهةِ، وإنْ كان بدَيْنٍ مُؤجَّلٍ فتَلِفتِ الثَّمَرةُ لَم يَسقُطْ دَينُه؛ وإنَّما تَبطُلُ وَثيقَتُه، والغَرَرُ في بُطلانِ الوَثيقةِ مع بَقاءِ الدَّينِ قَليلٌ، فجازَ بخِلافِ البَيعِ؛ فإنَّ العادةَ فيه أنْ يُترَكَ إلى أوانِ الجِذاذِ، فلا يُؤمَنُ أنْ يَهلِكَ بعاهةٍ فيَذهَبَ الثَّمَنُ ولا يَحصُلَ المَبيعُ فيَعظُمَ الضَّرَرُ فلَم يَجُزْ مِنْ غيرِ شَرطِ القَطعِ.

أمَّا إنْ شُرِطَ القَطعُ في الحالِ فيَصحُّ؛ لأنَّه يَصحُّ بَيعُه.

ومتى حَلَّ الحَقُّ بِيعَ، وإنِ اختارَ المُرتَهَنُ تأخيرَ دَيْنِه فله ذلك.

قال المالِكيَّةُ: يَجوزُ رَهنُ ما خُلِقَ مِنْ ثَمَرٍ وزَرعٍ لَم يَبْدُ صَلاحُه على المَشهورِ؛ لأنَّ الغَرَرَ جائِزٌ في هذا البابِ، فإذا ماتَ الراهِنُ، أو أفلَسَ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه ولا مالَ له فإنَّه يَنتَظِرُ بذلك الثَّمَرِ الذي لَم يَبْدُ صَلاحُه إلى بُدُوِّ الصَّلاحِ، ثم يُباعُ ويُستَوفَى الدَّينُ، وهو أحَقُّ مِنَ الغُرَماءِ، وأمَّا إنْ لَم يُخلَقْ فلا يَصحُّ رَهنُه كرَهنِ الجَنينِ، على الصَّحيحِ.

وقد فصَّل الشافِعيَّةُ في رَهنِ الثِّمارِ، وفَرَّقوا بينَ أنْ تَكونَ الثِّمارُ مع الشَّجَرِ أو وَحدَها، وبَينَ أنْ يَكونَ الثَّمَرُ مما يَتسارَعُ فَسادُه أو لا، فقالوا: إنَّ رَهنَ الثِّمارِ على الشَّجَرِ له حالتانِ:

إحداهما: أنْ يُرهَنَ الثَّمَرُ مع الشَّجَرِ، وحينَئذٍ إنْ كان الثَّمَرُ مما يُمكِنُ تَجفيفُه صَحَّ الرَّهنُ مُطلَقًا، سَواءٌ بدا فيها الصَّلاحُ أو لا، وسَواءٌ كان الدَّينُ حالًّا أو مُؤجَّلًا.

وإنْ كان مما لا يُمكِنُ تَجفيفُه فَسَد الرَّهنُ؛ إلا في ثَلاثِ مَسائِلَ، هي:

<<  <  ج: ص:  >  >>