الشَّرطُ الخامِسُ: أنْ يَكونَ المَرهونُ مَحَلًّا قابِلًا لِلبَيعِ: وهو أنْ يَكونَ مَوجودًا وَقتَ العَقدِ مالًا مُطلَقًا مُتقوَّمًا مَملوكًا مَقدورَ التَّسليمِ ونَحوَ ذلك، فلا يَجوزُ رَهنُ ما ليس بمَوجودٍ وَقتَ العَقدِ، ولا رَهنُ ما يَحتمِلُ الوُجودَ والعَدَمَ، كما إذا رَهَن ما يُثمِرُ نَخيلُه هذا العامَ، أو ما تَلِدُ أغنامُه هذه السَّنةَ، ونَحوَ ذلك، وهذا عندَ الحَنفيَّةِ، وهو على التَّفصيلِ الآتي:
١ - حُكمُ رَهنِ الثَّمرِ في رُؤوسِ النَّخلِ أو الزَّرعِ الأخضَرِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه: لا يَصحُّ عندَ الحَنفيَّةِ والشافِعيَّةِ في الأظهَرِ والمالِكيَّةِ في قَولٍ والحَنابِلةِ في وَجهٍ؛ لأنَّه لا يَجوزُ بَيعُه، فلا يَصحُّ رَهنُه، كسائِرِ ما لا يَجوزُ بَيعُه.
وعِلَّةُ المَنعِ عندَ الحَنفيَّةِ أنَّ المَرهونَ متى اتَّصَلَ بغَيرِ المَرهونِ خِلقةً لا يَجوزُ؛ لامتِناعِ قَبضِ الرَّهنِ وَحدَه، وعلى ذلك لو رهَن شَجَرًا وفيه ثَمَرٌ لَم يُسَمِّه في الرَّهنِ دَخَل في الرَّهنِ؛ تَصحيحًا لِلعَقدِ.
وذهَب المالِكيَّةُ في المَشهورِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وهو مُقابِلُ الأظهَرِ عندَ الشافِعيَّةِ -وسيأتي تَفصيلُهم في هذا- إلى جَوازِ رَهنِ الثَّمَرِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه مِنْ غيرِ شَرطِ القَطعِ أو الزَّرعِ الأخضَرِ؛ لأنَّ الغَرَرَ يَقِلُّ فيه؛ لأنَّ الثَّمَرةَ متى تَلِفتْ عاد إلى حَقِّه في ذِمَّةِ الراهِنِ؛ ولأنَّه يَجوزُ بَيعُه، فجازَ رَهنُه.