للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ النَّوويُّ: هذا هو القَويُّ أو الصَّحيحُ من حيثُ الدَّليلُ، وهو الذي أعتقِدُ رُجحانَه؛ فإنَّ فيه حَديثَينِ صَحيحَينِ ليسَ عنهما جَوابٌ شافٍ، وقد اختارَه جَماعةٌ من مُحقِّقي أَصحابِنا المُحدِّثينِ (١).

واستدَلُّوا على ذلك بحَديثِ جابِرِ بنِ سَمُرةَ أنَّ رَجلًا سألَ النَّبيَّ : «قالَ يا رَسولَ اللهِ: أنتَوضَّأُ من لُحومِ الإبِلِ؟ قالَ: نَعمْ» (٢).

وعن البَراءِ بنِ عازِبٍ قالَ: سُئلَ رَسولُ اللهِ عن الوُضوءِ من لُحومِ الإبِلِ، فقالَ: «تَوضَّؤُوا منها»، وسُئلَ عن لُحومِ الغَنمِ، فقالَ: «لا تَوضَّؤوا منها» (٣).

قالَ الإمامُ أحمدُ وإِسحاقُ بنُ رَاهوَيهِ: فيه حَديثانِ صَحيحانِ عن النَّبيِّ : حَديثُ البَراءِ وحَديثُ جابِرِ بنِ سَمُرةَ.


(١) «المجموع» (٢/ ٧٠)، و «روضة الطالبين» (١/ ٧٢)، و «شرح صحيح مسلم» (٤/ ٤٥).
(٢) رواه مسلم (٣٦٠).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٨٤)، والترمذي (٨١)، وابن ماجه (٤٩٤)، وأحمد (٢٠٩٠٧)، وابن حبان في «صحيحه» (٣/ ٣١٠).
قالَ أبو حاتِمِ بنُ حِبانَ بعدَ أنْ ذكَرَ حَديثَ البَراءِ هذا: في سُؤالِ السائِلِ عن الوُضوءِ من لُحومِ الإبلِ، وعن الصَّلاةِ في أعطانِها، وتَفريقُ النَّبيِّ بينَ الجَوابَين أَرى البَيانَ أنَّه أرادَ الوُضوءَ المَفروضَ للصَّلاةِ دونَ غَسلِ اليَدَين، ولو كانَ ذلك غَسلَ اليَدَين من الغَمَرِ لاستَوى فيه لُحومُ الإبِلِ والغَنمِ جَميعًا، وقد كانَ تَركُ الوُضوءِ مما مَسَّته النارُ، وبَقيَ المُسلِمونَ عليه مُدةً ثم نُسخَ ذلك وبَقيَ لُحومُ الإبِلِ مُستَثنًى من جُملةِ ما أُبيحَ بعدَ الحَظرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>