ولا يُشترَطُ أنْ يَستأذِنَ الراهِنُ شَريكَه في رَهنِ نَصيبِه إلا فيما يُنقَلُ، إنَّما يُندَبُ له ذلك، كما أنَّ لِشَريكِه الحَقَّ في أنْ يَقسِمَ، ولكنْ بإذْنِ الراهِنِ، وله أنْ يَبيعَ بدونِ إذْنِه، أمَّا فيما يُنقَلُ فلا بُدَّ مِنْ إذْنِه؛ لأنَّه لا يَحصُلُ قَبضُه إلا بالقَبضِ.
ثم إنْ رَضيَ الشَّريكُ والمُرتَهَنُ بكَونِه في يَدِ أحَدِهما أو غَيرِهما جازَ، وإنِ اختَلَفا جعَله حاكِمٌ بيَدِ أمينٍ أمانةً أو بأُجرةٍ.
وذهَب الحَنفيَّةُ إلى عَدَمِ جَوازِ رَهنِ المَشاعِ، سَواءٌ كان فيما يَحتمِلُ القِسمةَ أو لا، وسَواءٌ رَهَنه مِنْ أجنبيِّ أو مِنْ شَريكِه؛ لأنَّ الإشاعةَ تَمنَعُ استِدامةَ القَبضِ؛ لأنَّه لا بُدَّ فيها مِنَ المُهايأةِ؛ لأنَّ مُوجِبَ الرَّهنِ هو الحَبسُ الدائِمُ؛ لأنَّه لَم يُشرَعْ إلا مَقبوضًا بالنَّصِّ فلو جازَ في المَشاعِ لفاتَ الدَّوامُ؛ لأنَّه لا بُدَّ مِنَ المُهايأةِ، فيَصيرُ كما إذا قال: رَهَنتُكَ يَومًا ويَومًا لا، ولِهذا لا يَجوزُ فيما يَحتمِلُ القِسمةَ وما لا يَحتمِلُها، وكذا ما كان في عِلَّةِ المَشاعِ، مِثلَما إذا كان الرَّهنُ مُتَّصِلًا بغَيرِه، كرَهنِ النَّخلِ دونَ الثَّمرةِ، والأرضِ دونَ النَّخلِ والزَّرعِ.
ولأنَّ مِنْ شُروطِ صِحَّةِ الرَّهنِ عندَهم أنْ يَكونَ مَحُوزًا -أي: مَقسومًا-، فلا يَصحُّ رَهنُ المَشاعِ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ قَبضُه أو تَسليمُه؛ لاختِلاطِه بغَيرِ المَرهونِ؛ لأنَّ قَبضَ النِّصفِ الشائِعِ وَحدَه لا يُتصوَّرُ وَحدَه، ولأنَّ النِّصفَ الآخَرَ ليس بمَرهونٍ، فلا يَصحُّ قَبضُه؛ وسَواءٌ -كما قُلنا- كان مَشاعًا يَحتمِلُ القِسمةَ أو لا يَحتمِلُها؛ لأنَّ الشُّيوعَ يَمنَعُ تَحقُّقَ قَبضِ الشائِعِ في النَّوعَيْنِ جَميعًا.