للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى رَجُلٍ ويَقولُ: إنْ «جِئتُكَ بالدَّراهِمِ إلى كذا وكذا وإلا فالرَّهنُ لَكَ».

قال ابنُ المُنذرِ : هذا مَعنى قَولِه : (لا يَغلَقُ الرَّهنُ) عندَ مالِكٍ والثَّوريِّ وأحمَدَ، وفي حَديثِ مُعاويةَ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ جَعفَرٍ أنَّ رَجُلًا رهَن دارًا بالمَدينةِ إلى أجَلٍ مُسمًّى، فمَضى الأجَلُ، فقال الذي ارتُهِنَ: مَنزِلي، فقال النَّبيُّ : «لا يَغلَقُ الرَّهنُ»؛ ولأنَّه علَّق البَيعَ على شَرطٍ فإنَّه جعَله مَبيعًا بشَرطِ ألَّا يُوفِّيَه الحَقَّ في مَحَلِّه، والبَيعُ المُعلَّقُ بشَرطٍ لا يَصحُّ، وإذا شُرِطَ هذا الشَّرطُ فَسَدَ الرَّهنُ.

ويَتخرَّجُ ألا يَفسُدَ لِما ذَكَرنا في سائِرِ الشُّروطِ الفاسِدةِ، وهذا ظاهِرُ قَولِ أبي الخَطَّابِ في رُؤوسِ المَسائِلِ، واحتَجَّ بقَولِ النَّبيِّ : «لا يَغلَقُ الرَّهنُ»، فنَفى غَلقَه دونَ أصلِه، فيَدلُّ على صِحَّتِه، ولأنَّ الراهِنَ قد رَضيَ برَهنِه مع هذا الشَّرطِ، فمع بُطلانِه أوْلى أنْ يَرضى به.

ولنا: أنَّه رَهنٌ بشَرطٍ فاسِدٍ، فكان فاسِدًا كما لو شَرَط تَوفيَتَه وليس في الخَبَرِ أنَّه شرَط ذلك في ابتِداءِ العَقدِ، فلا يَكونُ فيه حُجَّةٌ (١).

وقال ابنُ رُشدٍ : وأمَّا الشَّرطُ المُحرَّمُ المَمنوعُ بالنَّصِّ فهو أنْ يَرهَنَ الرَّجُلُ رَهنًا على أنَّه إنْ جاءَ بحَقِّه عندَ أجَلِه وإلا فالرَّهنُ له، فاتَّفَقوا على أنَّ هذا الشَّرطَ يُوجِبُ الفَسخَ وأنَّه مَعنى قَولِه : «لا يَغلَقُ الرَّهنُ» (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٢٤٨، ٢٤٩،)، و «الكافي» (٢/ ١٦١)، والأوسط (٥/ ٦٨٥).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>