للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا يَكونُ الشَّرطُ باطِلًا والبَيعُ فاسِدًا والرَّهنُ مَحلولًا (١).

وأمَّا الحَنابِلةُ فقال منهم ابنُ قُدامةَ : والشُّروطُ في الرَّهنِ تَنقَسِمُ إلى قِسمَيْنِ، هُما: صَحيحٌ وفاسِدٌ:

فالصَّحيحُ يَكونُ مِثلَ أنْ يَشترِطَ كَونَه على يَدِ عَدلٍ عَيَّنَه، أو عَدلَيْنِ أو أكثَرَ، أو أنْ يَبيعَه العَدلُ عندَ حُلولِ الحَقِّ، ولا نَعلَمُ في صِحَّةِ هذا خِلافًا، وإنْ شَرَط أنْ يَبيعَه المُرتَهَنُ صَحَّ …

والقِسمُ الآخَرُ: الشُّروطُ الفاسِدةُ: مِثلَ أنْ يَشترِطَ ما يُنافي مُقتَضى الرَّهنِ، نَحوَ: أنْ يَشترِطَ ألَّا يُباعَ الرَّهنُ عندَ حُلولِ الحَقِّ، أو ألَّا يَستوفيَ الدَّينَ مِنْ ثَمَنِه، أو ألَّا يُباعَ ما خِيفَ تَلَفُه، أو أنْ يُباعَ الرَّهنُ بأيِّ ثَمَنٍ كان، أو ألَّا يَبيعَه إلا بما يُرضيه، فهذه شُروطٌ فاسِدةٌ؛ لِمُنافاتِها مُقتَضى العَقدِ، فإنَّ المَقصودَ مع الوَفاءِ بهذه الشُّروطِ مَفقودٌ، وكذلك إنْ شَرَط الخيارَ لِلراهِنِ، أو ألَّا يَكونَ العَقدُ لَازِمًا في حَقِّه، أو شرَط تَوقيتَ الرَّهنِ، أو أنْ يَكونَ رَهنًا يَومًا، ويَومًا لا، أو كَونَ الرَّهنِ في يَدِ الراهِنِ، أو أنْ يَنتفِعَ به أو يَنتفِعَ به المُرتَهَنُ، أو كَونَه مَضمونًا على المُرتَهَنِ، أو العَدلِ، فهذه كلُّها فاسِدةٌ؛ لأنَّ منها ما يُنافي مُقتَضى العَقدِ، ومنها ما لا يَقتَضيه العَقدُ، ولا هو مِنْ مَصلَحَتِه.

وإنْ شَرَط شَيئًا منها في عَقدِ الرَّهنِ فقال القاضي: يَحتمِلُ أنْ يَفسُدَ الرَّهنُ بها بكلِّ حالٍ؛ لأنَّ العاقِدَ إنَّما بَذَلَ مِلكَه بهذا الشَّرطِ، فإذا لَم يُسلِّمْ له لَم يَصحَّ العَقدُ؛ لِعَدَمِ الرِّضا به بدُونِه.


(١) «الحاوي الكبير» (٦/ ٢٤٣، ٢٤٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٢٧٧، ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>