للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ التَّصرُّفُ في المُسلَمِ فيه بشَرِكةٍ ولا تَوليةٍ ولا مُرابَحةٍ؛ لأنَّها مُعاوَضةٌ في المُسلَمِ فيه قبلَ قَبضِه، فلَم يَجُزْ كما لو كان بلَفظِ البَيعِ.

وصُورةُ الشَّرِكةِ فيه أنْ يَقولَ رَبُّ السَّلَمِ لِآخَرَ: أعطِني نِصفَ رأسِ المالِ لِيَكونَ نِصفَ المُسلَمِ لَكَ فيه.

وصُورةُ التَّوليةِ أنْ يَقولَ لِآخَرَ: أعطِني مِثلَ ما أعطَيتَ المُسلَمَ إليه حتى يَكونَ المُسلَمُ فيه لَكَ.

والمُرابَحةُ أنْ يأخُذَ زيادةً على ما أعطى.

قال ابنُ قُدامةَ : وأمَّا الشَّرِكةُ فيه والتَّوليةُ فلا تَجوزُ أيضًا؛ لأنَّهما بَيعٌ على ما ذَكَرنا مِنْ قَبلُ، وبهذا قال أكثَرُ أهلِ العِلمِ، وحُكيَ عن مالِكٍ جَوازُ الشَّرِكةِ والتَّوليةِ؛ لِما رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه نَهى عن بَيعِ الطَّعامِ قبلَ قَبضِه؛ وأرخَصَ في الشَّرِكةِ والتَّوليةِ.

ولنا: أنَّها مُعاوَضةٌ في المُسلَمِ فيه قبلَ القَبضِ، فلَم يَجُزْ كما لو كانتْ بلَفظِ البَيعِ، ولأنَّهما نَوعا بَيعٍ لَم يَجُوزا في المُسلَمِ قبلَ قَبضِه كالنَّوعِ الآخَرِ، والخَبَرُ لا نَعرِفُه، وهو حُجَّةٌ لَنا؛ لأنَّه نَهيٌ عن بَيعِ الطَّعامِ قبلَ قَبضِه، والشَّرِكةُ والتَّوليةُ بَيعٌ فيَدخُلانِ في النَّهيِ، ويُحمَلُ قَولُه: «وأرخَصَ في الشَّرِكةِ والتَّوليةِ» على أنَّه أرخَصَ فيهما في الجُملةِ، لا في هذا المَوضِعِ.

وأمَّا الحَوالةُ به فغَيرُ جائِزةٍ؛ لأنَّ الحَوالةَ إنَّما تَجوزُ على دَينٍ مُستقِرٍّ، والسَّلَمُ بعَرضِ الفَسخِ فليس بمُستقِرٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>