للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه نَقلٌ لِلمِلكِ في المُسلَمِ فيه على غيرِ وَجهِ الفَسخِ، فلَم يَجُزْ كالبَيعِ.

ومَعنى الحَوالةِ به أنْ يَكونَ لِرَجُلٍ طَعامٌ مِنْ سَلَمٍ وعليه مِثلُه مِنْ قَرضٍ أو سَلَمٍ آخَرَ أو بَيعٍ، فيُحيلَ بما عليه مِنَ الطَّعامِ على الذي له عندَه السَّلَمُ فلا يَجوزُ.

وإنْ أحالَ المُسلَمُ إليه المُسلِمَ بالطَّعامِ الذي عليه لَم يَصحَّ أيضًا؛ لأنَّه مُعاوَضةٌ بالمُسلَمِ فيه قبلَ قَبضِه فلَم يَجُزْ كالبَيعِ (١).

وقال الحَنفيَّةُ: ولا يَجوزُ التَّصرُّفُ في المُسلَمِ فيه قبلَ القَبضِ ببَيعٍ أو استِبدالٍ أو شَرِكةٍ أو تَوليةٍ أو مُرابَحةٍ، بخِلافِ ارتِهانٍ أو حَوالةٍ؛ لأنَّ المُسلَمَ فيه مَبيعٌ، ولأنَّ التَّصرُّفَ في المَبيعِ المَنقولِ قبلَ القَبضِ لا يَجوزُ.

قال ابنُ نُجَيمٍ : فلو باع رَبُّ السَّلَمِ المُسلَمَ فيه مِنَ المُسلَمِ إليه بأكثَرَ مِنْ رأسِ المالِ لا يَصحُّ ولا يَكونُ إقالةً.

ولو وَهَبه منه قبلَ قَبضِه وقَبلَ الهِبةِ لَم يَصحَّ وكان إقالةً، فوَجَب عليه رَدُّ رأسِ المالِ، وكذا لو أبرأه كُلًّا أو بَعضًا.

وفي «التَّجنيسِ» و «الواقِعاتِ»: رَجُلٌ أسلَمَ إلى رَجُلٍ كُرَّ حِنطةٍ فقال رَبُّ السَّلَمِ لِلمُسلَمِ إليه: أبرأتُكَ عن نِصفِ السَّلَمِ، وقَبِلَ المُسلَمُ إليه، وَجَب عليه رَدُّ نِصفِ المالِ إليه؛ لأنَّ السَّلَمَ نَوعُ بَيعٍ، وفي البَيعِ مَنِ اشتَرى شَيئًا ثم قال المُشتَري لِلبائِعِ قبلَ القَبضِ: وَهَبتُ منكَ نِصفَه، فقَبِلَ البائِعُ، كانتْ إقالةً


(١) «المغني» (٤/ ٢٠١)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٠٣)، و «البيان» (٥/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>