للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسِعرِ المِثلِ أو دونَه، وهو عَدَمُ المانِعِ الشَّرعيِّ، حيثٍ إنَّ حَديثَ: «مَنْ أسلَمَ في شَيءٍ فلا يَصرِفْه إلى غَيرِه»، ضَعيفٌ لا تَقومُ به حُجَّةٌ، وحتى لو ثَبَت فمَعنى «فلا يَصرِفْه إلى غَيرِه»: لا يَصرِفْه إلى سَلَمٍ آخَرَ، أو لا يَبِعْه بمُعيَّنٍ مُؤجَّلٍ، وذلك خارِجٌ عن مَحَلِّ النِّزاعِ.

أمَّا دَليلُهم على عَدَمِ جَوازِ الاعتِياضِ عنه بأكثَرَ مِنْ قيمَتِه فلأنَّ دَينَ السَّلَمِ مَضمونٌ على البائِعِ، ولَم يَنتقِلْ إلى ضَمانِ المُشتَري، فلو باعَه المُشتَري مِنَ المُسلَمِ إليه بزيادةٍ فقد رَبِحَ رَبُّ السَّلَمِ فيما لَم يَضمَنْ، وقد صَحَّ عن النَّبيِّ أنَّه نَهى عن رِبحِ ما لَم يُضمَنْ.

وقال ابنُ القَيِّمِ : وأمَّا قَولُكم: إنَّ المَنعَ منه إجماعٌ، فكيف تَصحُّ دَعوى الإجماعِ مع مُخالَفةِ حَبرِ الأُمَّةِ ابنِ عَبَّاسٍ وعالِمِ المَدينةِ مالِكِ بنِ أنَسٍ، فثَبَت أنَّه لا نَصَّ في التَّحريمِ ولا إجماعَ ولا قياسَ، وأنَّ النَّصَّ والقياسَ يَقتَضيانِ الإباحةَ كما تَقدَّم، والواجِبُ عندَ التَّنازُعِ الرَّدُّ إلى اللهِ ، وإلى رَسولِه (١).

وأمَّا التَّصرُّفُ في المُسلَمِ فيه بغَيرِ البَيعِ -كالشَّرِكةِ والتَّوليةِ والمُرابَحةِ- فاختَلَف الفُقهاءُ فيها:


(١) «حاشية ابن القيم على سنن أبي داود» (٩/ ٢٥٥، ٢٦٠)، و «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٥٠٥، ٥٠٦)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٢١٤)، و «شرح فتح القدير» (٧/ ١٠١، ١٠٢)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ١٥٠، ١٥١)، و «اللباب» (١/ ٤١١)، و «التنبيه» (٩٩)، و «الديباج» (٢/ ٩١، ٩٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٠٣)، و «المبدع» (٤/ ١٩٧)، و «الإنصاف» (٥/ ١٠٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٥٧)، و «منار السبيل» (٢/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>