للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي عَبدُ الوَهَّابِ : وإذا أسلَمَ في عَرضٍ ثَمَنًا مَعلومًا ثم أرادَ بَيعَه مِنَ المُسلَمِ إليه قبلَ قَبضِه فإنْ باعَه بمِثلِ ثَمَنِه أو أقَلَّ منه جازَ، وإنْ كان بأكثَرَ لَم يَجُزْ.

وإنَّما قُلنا ذلك لأنَّه لا تُهمةَ في أنَّ بَيعَه بمِثلِ الثَّمنِ أو أقَلَّ منه لأنَّه يَزِنُ دِرهَمًا ويأخُذُه بعدَ مُدةٍ لأنَّ ذلك الدِّرهَمَ لا زيادةَ عليه أو دونَه، وكأنَّه أقاله أو نَدِمَ فباعَه بنُقصانٍ، وإذا باعَه بالزِّيادةِ اتُّهِمَ بأنْ يَكونَ أقرَضَه دَراهِمَ بأكثَرَ منها إلى أجَلٍ، وتَسميةُ القَرضِ الذي سَمَّياه لَغوًا لَم يَتحصَّلْ، وذلك ذَريعةٌ إلى الرِّبا.

فَصلٌ: ويَجوزُ أنْ يَبيعَها مِنْ غيرِ بائِعه بمِثلِ ثَمَنِه أو أقَلَّ أو أكثَرَ يَدًا بيَدٍ؛ لأنَّ غيرَ البائِعِ لا تُهمةَ بَينَه وبَينَه ولا يَجوزُ أنْ يُؤخِّرَ الثَّمنَ عليه لِئلَّا يَكونَ دَينًا بدَينٍ (١).

وذهَب شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ وابنُ القَيِّمِ -رحمهما الله- إلى جَوازِ بَيعِ المُسلَمِ فيه قبلَ قَبضِه لِمَنْ هو في ذِمَّتِه بثَمَنِ المِثلِ أو دونَه، لا أكثَرَ منه حالًّا، سَواءٌ كان طَعامًا أو غَيرَه، وهو قَولُ ابنِ عَبَّاسٍ ورِوايةٌ عن أحمَدَ.

قال ابنُ المُنذرِ : ثَبَت عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه قال: «إذا أسلَفتَ في شَيءٍ إلى أجَلِ فإنْ أخَذتَ ما أسلَفتَ فيه وإلا فخُذْ عِوَضًا أنقَصَ منه ولا تَربَحْ مَرَّتَيْنِ».

واحتَجُّوا على جَوازِ بَيعِه مِنَ المَدينِ أو الاعتِياضِ عنه إذا كان ذلك


(١) «المعونة على مذهب عالم المدينة» (٢/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>