للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَروه؛ فإنَّه لا يَلزَمُ أخْذُ الرَّديءِ ويَجوزُ أخْذُه، ولأنَّ المُسلِمَ أسقَطَ حَقَّه مِنَ النَّوعِ فلَم يَبْقَ بينَهما إلا صِفةُ الجَودةِ، وقد سَمَح بها صاحِبُها (١).

وإنْ أتى بغَيرِ جِنسِه كلَحمِ بَقَرٍ عن ضَأْنٍ، وشَعيرٍ عن بُرٍّ، قال الحَنفيَّةُ (٢) والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ: لا يَجوزُ، ولو رَضيا؛ إذْ لا يَجوزُ الاعتِياضُ عنه.

وقال المالِكيَّةُ: يَجوزُ لِلمُسلَمِ إليه أنْ يَقضيَ السَّلَمَ مِنْ غيرِ جِنسِ المُسلَمِ فيه سَواءٌ حَلَّ الأجَلُ أو لا، بشُروطٍ ثلاثةٍ:

الأوَّلُ: أنْ يَكونَ المُسلَمُ فيه مما يُباعُ قبلَ قَبضِه، كما لو أسلَمَ ثَوبًا في حَيوانٍ فأخَذَ عن ذلك الحَيوانِ دَراهِمَ؛ إذْ يَجوزُ بَيعُ الحَيوانِ قبلَ قَبضِه.

واحتِرازًا مِنْ طَعامِ السَّلَمِ لا يَجوزُ أنْ يُؤخَذَ عنه دَراهِمُ أو شَيءٌ مِنْ غيرِ جِنسِه؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى بَيعِ الطَّعامِ قبلَ قَبضِه، وقد وَقَع النَّهيُ عنه.

الثاني: أنْ يَكونَ المأخوذُ مما يُباعُ بالمُسلَمِ فيه يَدًا بيَدٍ، كما لو أسلَمَ دَراهِمَ في ثَوبٍ مَثَلًا فأخَذَ عنه طَشتَ نُحاسٍ؛ إذْ يَجوزُ بَيعُ الطَّشتِ بالثَّوبِ يَدًا بيَدٍ.

احتِرازًا مِنْ أخْذِ اللَّحمِ غيرِ المَطبوخِ عن الحَيوانِ الذي هو مِنْ جِنسِ اللَّحمِ، ولا العَكسُ؛ فإنَّ ذلك لا يَجوزُ؛ لِامتِناعِ بَيعِه به يَدًا بيَدٍ؛ لِلنَّهيِ عن


(١) «المغني» (٤/ ٢٠٣، ٢٠٤)، و «الكافي» (٢/ ١١٨)، و «الإنصاف» (٥/ ١٠١، ١٠٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٠٩، ٣١٠)، و «الفروع» (٤/ ١٣٧)، و «منار السبيل» (٢/ ٧٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٥٢، ٣٥٣).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٣/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>