للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَنابِلةُ: إنْ أحضَرَه أجوَدَ مِنَ المَوصوفِ يُنظَرُ فيه:

فإنْ أتاه به مِنْ نَوعِه لَزِمه قَبولُه؛ لأنَّه أتى بما تَناوَلَه العَقدُ وبزيادةٍ تابِعةٍ له فيَنفَعُه ولا يَضُرُّه؛ إذْ لا يَفوتُه غَرَضٌ.

فإنْ أتى به مِنْ نَوعٍ آخَرَ لَم يَلزَمْه قَبولُه؛ لأنَّ العَقدَ تَناوَلَ ما وَصَفناه على الصِّفةِ التي شَرَطاها وقد فاتَ بَعضُ الصِّفاتِ فإنَّ النَّوعَ صِفةٌ وقد فاتَ، فأشبَهَ ما لو فاتَ غَيرُه مِنَ الصِّفاتِ، وقال أبو يَعلى: يَلزَمُه قَبولُه؛ لِأنَّهما جِنسٌ واحِدٌ يَضُمُّ أحَدَهما إلى الآخَرِ في الزَّكاةِ، فأشبَهَ الزِّيادةَ في الصِّفةِ مع اتِّفاقِ النَّوعِ.

قال ابنُ قُدامةَ : والأوَّلُ أجوَدُ؛ لأنَّ أحَدَهما يَصلُحُ لِما لا يَصلُحُ له الآخَرُ.

فإذا فَوَّتَه عليه فَوَّتَ عليه الغَرَضَ المُتعلِّقَ به، فلَم يَلزَمْه قَبولُه كما لو فَوَّتَ عليه صِفةَ الجَودةِ، وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ.

فإنْ تَراضيا على أخْذِ النَّوعِ بَدَلًا مِنَ النَّوعِ الآخَرِ جازَ؛ لِأنَّهما جِنسٌ واحِدٌ لا يَجوزُ بَيعُ أحَدِهما بالآخَرِ مُتفاضِلًا، ويُضَمُّ أحَدُهما إلى الآخَرِ في الزَّكاةِ، فجازَ أخْذُ أحَدِهما عن الآخَرِ كالنَّوعِ الواحِدِ.

وقالَ بَعضُ أصحابِ الشافِعيِّ: لا يَجوزُ له أخْذُه؛ لِلمَعنى الذي مَنَع لُزومَ أخْذِه، وقال إبراهيمُ: لا تأخُذْ فوقَ سَلَمِكَ في كَيلٍ ولا صِفةٍ.

ولنا: أنَّهما تَراضَيا على دَفْعِ المُسلَمِ فيه مِنْ جِنْسِه فجازَ، كما لو تَراضَيا على دَفعِ الرَّديءِ مَكانَ الجَيِّدِ، أو الجَيِّدِ مَكانَ الرَّديءِ، وبهذا يَنتقِضُ ما

<<  <  ج: ص:  >  >>