شَيءٍ قَدْرُه بمِكيالٍ مُعيَّنٍ أو صَنجةٍ مُعيَّنةٍ، أو أحضَرَ خِرقةً وقال:«أسلَمتُ إليكَ في مِثلِ هذه».
وأمَّا إنْ أسلَمَ في ثَمَرةِ قَريةٍ عَظيمةٍ أو ناحيةٍ تَبعُدُ فيها آفةٌ -كتَمرِ المَدينةِ أو حِنطةِ الصَّعيدِ أو الشامِ- صَحَّ عندَ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ في قَولٍ والشافِعيَّةِ في الأصَحِّ والحَنابِلةِ؛ لأنَّ ثَمَرَها لا يَنقطِعُ في الأغلَبِ.
قال ابنُ الهُمامِ ﵀: قَولُه: ولا في طَعامِ قَريةٍ بعَينِها -كحِنطةِ بَلدةِ الفَهميِّينَ والمَحَلَّةِ ببِلادِ مِصرَ- أو ثَمَرةِ نَخلةٍ بعَينِها أو بُستانٍ بعَينِه؛ لأنَّه قد يَعتَريه آفةٌ فتَنتَفي قُدرةُ التَّسليمِ، قال المُصنِّفُ: وإليه أشار رَسولُ اللهِ ﷺ بقَولِه: «أَرَأيْتَ لَوْ ذهَب ثَمَرةُ هَذَا البُسْتَانِ؟ بِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟»، فإنَّ مَعنى هذا أنَّه لا يَستحِقُّ بهذا البَيعِ ثَمَنًا إنْ لَم يُخرِجْ هذا البُستانُ شَيئًا، فكان في بَيعِ ثَمَرِ هذا البُستانِ غَرَرُ الانفِساخِ، فلا يَصحُّ بخِلافِ ما إذا أسلَمَ في حِنطةٍ صَعيديَّةٍ أو شاميَّةٍ؛ فإنَّ احتِمالَ ألَّا يَنبُتَ في الإقليمِ برُمَّتِه شَيءٌ ضَعيفٌ، فلا يَبلُغُ الغَرَرَ المانِعَ مِنَ الصِّحَّةِ فيَجوزُ، فهذا الحَديثُ يُفيدُ عَدَمَ صِحَّةِ البَيعِ سَواءٌ أكان وُرودُه في السَّلَمِ أو في البَيعِ مُطلَقًا، والواقِعُ أنَّ مَعناه وَرَد في السَّلَمِ وفي البَيعِ، أمَّا في السَّلَمِ فما قَدَّمناه مِنْ حَديثِ أبي داودَ وابنِ ماجَه في الذي أسلَمَ في تلك الحَديقةِ النَّخلَ فلَم يَطلُعْ شَيءٌ فأرادَ المُسلَمُ إليه أنْ يَمنَعَه الثَّمَنَ الذي كان أخَذَه، وقال: إنَّما النَّخلُ هذه السَّنةَ حيثُ قال له رَسولُ اللهِ ﷺ: «أَخَذَ مِنْ نَخْلِكَ شَيْئًا؟»، قال: لا، قال:«بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَه؟ ارْدُدْ عَلَيهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ» الحَديثَ.