للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا ما في مُسلِمٍ عن جابِرٍ أنَّ رَسولَ اللهِ قال: «لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فلَا يَحِلُّ لِكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟»، فيَصدُقُ على كلٍّ مِنَ السَّلَمِ والبَيعِ، ويُمكِنُ أنْ يَكونَ دَليلًا على أنَّ هَلاكَ المَبيعِ يُبطِلُ البَيعَ ويُوجِبُ رَدَّ الثَّمَنِ، فهو دَليلُ هذه المَسألةِ أيضًا، وفي الصَّحيحَيْنِ عن أنَسٍ أنَّ النَّبيَّ قال: «إنْ لَم يُثمِرْها اللهُ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ»، هذا لو كانتْ نِسبةُ الثَّمَرةِ إلى قَريةٍ مُعيَّنةٍ لِبَيانِ الصِّفةِ، لا لِتَعيينِ الخارِجِ مِنْ أرضِها بعَينِه، كالخَشمَرانيِّ والبَساخيِّ ببُخارَى، وهي قَريةٌ حِنطَتُها جَيِّدةٌ بفَرغانةَ لا بأسَ به، ولأنَّه لا يُرادُ خُصوصُ النابِتِ هناك، بل الإقليمُ، ولا يُتوَهَّمُ انقِطاعُ الحِنطةِ هناك؛ لأنَّه إقليمٌ، وكذا إذا قال: «مِنْ حِنطةِ هَراةَ»، يُريدُ هَراةَ خُراسانَ، ولا يُتوَهَّمُ انقِطاعُ طَعامِ إقليمٍ كامِلٍ، فالسَّلَمُ فيه وفي طَعامِ العِراقِ والشامِ سَواءٌ، وكذا في ديارِ مِصرَ في قَمحِ الصَّعيدِ الذي في الخُلاصةِ، وذَكَر مَعناه في «المُجتَبى» وفي غَيرِه لو أسلَمَ في حِنطةِ بُخارَى، أو حِنطةِ سَمَرقَندَ أو إسبيجابَ لا يَجوزُ؛ لِتَوهُّمِ انقِطاعِه، ولو أسلَمَ في حِنطةِ هَراةَ لا يَجوزُ، وفي ثَوبِ هَراةَ وذَكَر شُروطَ السَّلَمِ يَجوزُ؛ لأنَّ حِنطَتَها يُتوَهَّمُ انقِطاعُها؛ إذ الإضافةُ لِتَخصيصِ البُقعةِ، فيَحصُلُ السَّلَمُ في مَوهومِ الانقِطاعِ بخِلافِ إضافةِ الثَّوبِ؛ لأنَّها لِبيانِ الجِنسِ والنَّوعِ لا لِتَخصيصِ المَكانِ، ولذا لو أتى المُسلَمُ إليه في ثَوبٍ هَرَويٍّ بثَوبٍ نُسِجَ في غيرِ وِلايةِ هَراةَ مِنْ جِنسِ الهَرَويِّ -يَعني مِنْ صِفَتِه ومُؤنَتِه- يُجبَرُ رَبُّ السَّلَمِ على قَبولِه، فظَهَر أنَّ المانِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>