للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسلَمَ فيه على ضَربَيْنِ، هُما: ضَربٌ يُقتَضى بالبَلَدِ المُسلَمِ فيه، وضَربٌ يُقتَضى بغَيرِ البَلَدِ الذي وَقَع فيه المُسلَمُ؛ فإنِ اقتَضاه في البَلَدِ المُسلَمِ فيه قال ابنُ القاسِمِ: إنَّ المُعتبَرَ في ذلك أجَلٌ تَختلِفُ فيه الأسواقُ، وذلك خَمسةَ عَشَرَ يَومًا أو نَحوُها، ورَوى ابنُ وَهبٍ عن مالِكٍ أنَّه يَجوزُ اليومَيْنِ والثلاثةِ، وقال ابنُ عَبدِ الحَكَمِ: لا بأسَ به إلى اليومِ الواحِدِ؛ وأمَّا ما يُقتَضى ببَلَدٍ آخَرَ؛ فإنَّ الأجَلَ عندَهم فيه هو قَطعُ المَسافةِ التي بينَ البَلدَيْنِ قَلَّتْ أو كَثُرتْ (١).

وقال الحَنابِلةُ: يُشترَطُ في الأجَلِ أن يَكونَ له وَقعٌ في العادةِ، كشَهرٍ ونَحوِه، أو نِصفِ شَهرٍ على قَولٍ؛ لأنَّ الأجَلَ إنَّما اعتُبِرَ لِيَتحقَّقَ الرِّفقُ الذي شُرِعَ مِنْ أجْلِه السَّلَمُ، ولا يَحصُلُ ذلك بالمُدَّةِ التي لا وَقْعَ لها في الثَّمنِ.

وقال الشافِعيَّةُ وأبو ثَورٍ وابنُ المُنذرِ وبَعضُ المالِكيَّةِ وابنُ القَيِّمِ مِنَ الحَنابِلةِ: يَجوزُ السَّلَمُ حالًّا؛ لأنَّه عَقدٌ يَصحُّ مُؤجَّلًا، فصَحَّ حالًّا، كبُيوعِ الأعيانِ، ولأنَّه إذا جازَ مُؤجَّلًا فحالًّا أقوى إجازةً، ومن الغَرَرِ أبعَدُ، ولأنَّه لا دَليلَ في اشتِراطِ الأجَلِ، فوَجَب نَفيُه؛ ولأنَّه لو شَرَط الأجَلَ لَكان لِتَحصيلِ القُدرةِ على التَّسليمِ التي هي شَرطُ جَوازِ العَقدِ، وهي ثابِتةٌ، والظاهِرُ مِنْ حالِ العاقِد أنَّه لا يَلتزِمُ تَسليمَ ما لا يَقدِرُ عليه، والفَرضُ وُجودُ المُسلَمِ فيه، فيَقدِرَ عليه، ولو لَم يَكُنْ قادرًا حَقيقةً؛ فقد ثَبتَتْ قُدرَتُه بما دَخَل في يَدِه مِنْ رأسِ المالِ، ولِهذا أوجَبْنا تَسليمَ رأسِ المالِ، بخِلافِ الكِتابةِ الحالَّةِ؛ فإنَّ


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>