للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ هُبيرةَ : واختَلَفوا في السَّلَمِ الحالِّ؛ فقال أبو حَنيفةَ، ومالِكٌ، وأحمدُ: لا يَصحُّ، وقال الشافعيُّ: يَصحُّ (١).

وأقَلُّ الأجَلِ اختَلَفوا فيه أيضًا؛ فعندَ الحَنفيَّةِ في المَذهبِ أقَلُّه شَهرٌ؛ لأنَّه أدنى الآجِلِ وأقصى العاجِلِ، كما إذا حَلَف المَدينُ لِيَقضيَنَّ دَينَه عاجِلًا فقضاه قبلَ تَمامِ الشَّهرِ بَرَّ في يَمينِه؛ فإذا كان ما دونَ الشَّهرِ في حُكمِ العاجِلِ كان الشَّهرُ فما فَوقَه في حُكمِ الآجِلِ.

وفي قَولٍ عندَ الحَنفيَّةِ أنَّ أدنى الأجَلِ فيه ثلاثةُ أيامٍ، اعتبارًا لِلأجَلِ بالخيارِ الذي وَرَد الشَّرعُ فيه بالتَّقديرِ بثلاثةِ أيامٍ.

وقيلَ: أدنى الأجَلِ فيه أنْ يَكونَ أكثَرَ مِنْ نَصفِ يَومٍ؛ لأنَّ المُعجَّلَ ما كان مَقبوضًا في المَجلِسِ، والمُؤجَّلَ ما يَتأخَّرُ قَبضُه عن المَجلِسِ، ولا يَبقى المَجلِسُ بَينَهما في العادةِ أكثَرَ مِنْ نِصفِ يَومٍ.

وقال المالِكيَّةُ: يَجوزُ أنْ يَكونَ الأجَلُ في السَّلَمِ اليَومَ واليَومَينِ؛ وإنما يَجوزُ في أمرٍ تَرتفِعُ في مِثلِه الأسواقُ وتَنخفِضُ، هذا هو المَشهورُ مِنَ المَذهبِ، وقد أجازَه بَعضُ أصحابِ مالِكٍ، ورُويَ أيضًا عن مالِكٍ أنه يَجوزُ أن يَكونَ أجَلُ السَّلَمِ ثلاثةَ أيامٍ فصاعِدًا دونَ مُراعاةِ الأسواقِ، قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: والأوَّلُ تَحصيلُ مَذهبِه (٢).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : وتَحصيلُ مَذهبِ مالِكٍ في مِقدارِه مِنَ الأيامِ أنَّ


(١) «الإفصاح» (١/ ٤١٠).
(٢) «الكافي» (١/ ٣٣٧، ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>