بالتَّسليمِ عُقَيبَ العَقدِ، وهو عاجِزٌ عن ذلك؛ فلِهذا لَم يَجُزْ إلَّا مُؤجَّلًا.
قال القاضي عَبدُ الوَهَّابِ ﵀: ولأنَّ السَّلَمَ إنما جُوِّزَ ارتِفاقًا لِلمُتعاقِدَيْنِ؛ لأنَّ المُسلِمَ يُقدِّمُ الثَّمنَ لِلارتِخاصِ، والمُسلَمَ إليه يَرغَبُ في ارتِخاصِ الثَّمنِ لِلرِّفقِ الذي له في استِعجالِ الانتِفاعِ به، وفي الصَّبرِ والتأخيرِ، وإذا زال الرِّفقُ زال الجَوازُ؛ فكان كالقَرضِ، لمَّا كان لِلرِّفقِ بالمُقترِضِ كان ما أخرَجَه عن ذلك يُبطِلُه؛ ولأنَّ السَّلَمَ مُشتَقٌّ مِنْ اسمِه الذي هو السَّلَفُ، وهو أنْ يَتقدَّمَ رأسُ المالِ ويَتأخَّرَ المُسلَمُ فيه؛ فوَجَب مَنعُ ما أخرَجَه عن ذلك، ولأنَّه بَدَلٌ في السَّلَمِ وَجَب أنْ يَقَعَ على وَجهٍ واحِدٍ اعتبارًا برأسِ المالِ (١).
وقال الكاسانيُّ ﵀: أوجَبَ ﵊ مُراعاةَ الأجَلِ في السَّلَمِ، كما أوجَبَ مُراعاةَ القَدْرِ فيه، فيَدلُّ على كَونِه شَرطًا فيه كالقَدْرِ، ولأنَّ السَّلَمَ حالًّا يُفضي إلى المُنازَعةِ؛ لأنَّ السَّلَمَ بَيعُ المَفاليسِ، فالظاهِرُ أنْ يَكونَ المُسلَمُ إليه عاجِزًا عن تَسليمِ المُسلَمِ فيه، ورَبُّ السَّلَمِ يُطالِبُ بالتَّسليمِ، فيَتنازَعان على وَجهٍ تَقَعُ الحاجةُ فيه إلى الفَسخِ، وفيه إلحاقُ الضَّرَرِ برَبِّ السَّلَمِ؛ لأنَّه سَلَّمَ رأسَ المالِ إلى المُسلَمِ إليه، وصَرَفه في حاجَتِه؛ فلا يَصِلُ إلى المُسلَمِ فيه، ولا إلى رأسِ المالِ، فشُرِطَ الأجَلُ؛ حتى لا يَملِكَ المُطالَبةَ إلَّا بعدَ حُلولِ الأجَلِ، وعندَ ذلك يَقدِرُ على التَّسليمِ ظاهِرًا؛ ولا يُؤدِّي إلى المُنازَعةِ المُفضيةِ إلى الفَسخِ والإضرارِ