للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ بانَ -أي: ظهَر- الثَّمنُ الذي أخبَرَ به البائِعُ المُشتَريَ مُؤجَّلًا، وقد كتَم البائِعُ التَّأجيلَ عن المُشتَري، ثم عَلِم المُشتَري التَّأجيلَ، أخَذ المَبيعَ بالثَّمنِ مُؤجَّلًا بالأجَلِ الذي اشتَراه البائِعُ إليه، ولا خيارَ لِلمُشتَري، فلا يَملِكُ الفَسخَ في الصُّوَرِ الأربَعةِ السابِقةِ، لأنَّه زيدَ خَيرًا.

وعن الإمامِ أحمدَ أنَّه إنِ اشتَراه بثَمَنٍ مُؤجَّلٍ ولَم يُبيِّنْ أمرَه مُخيَّرٌ بينَ أخذِه بالثَّمنِ الذي وقَع عليه العَقدُ حالًّا، وبينَ الفَسخِ، وهو مَذهبُ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ؛ لأنَّ البائِعَ لَم يَرضَ بذِمَّةِ المُشتَري، وقد تَكونُ ذِمَّتُه دونَ ذِمَّةِ البائِعِ؛ فلا يَلزَمُه الرِّضا بذلك.

وحكَى ابنُ المُنذِرِ عن أحمدَ أنَّه إنْ كانَ المَبيعُ قائِمًا فهو مُخيَّرٌ بينَ الفَسخِ وأخذِه بالثَّمنِ مُؤجَّلًا؛ لأنَّه الثَّمنُ الذي اشتَرَى به البائِعُ، والتَّأجيلُ صِفةٌ له، فهو كما لو أخبَرَه بزيادةٍ في الثَّمنِ، وإنْ كانَ قد استَهلَكَ حَبسَ الثَّمنِ بقَدرِ الأجَلِ، وهذا قَولُ شُرَيحٍ.

ولو قالَ البائِعُ: مُشتَراه مِئةٌ، ثم قال: غَلِطتُ والثَّمنُ زائِدٌ على ما أخبَرتُ به، فالقَولُ قَولُه مع يَمينِه، ويَحلِفُ إذا طلَب المُشتَري تَحليفَه عندَ أكثَرِ الحَنابِلةِ؛ لأنَّ المُشتَريَ لمَّا دخَل مع البائِعِ في المُرابَحةِ ائتَمَنَه، والقَولُ قَولُ الأمينِ، فيَحلِفُ البائِعُ أنَّه لَم يَكُنْ يَعلَمُ وَقتَ البَيعِ أنَّ ثَمَنَها أكثَرُ ممَّا أخبَرَ به، فإنْ حلَف البائِعُ خُيِّرَ المُشتَري بينَ الرَّدِّ وبينَ دَفعِ الزِّيادةِ التي ادَّعاها البائِعُ.

وإنْ نكَل البائِعُ عن اليَمينِ قُضيَ عليه بالنُّكولِ وليسَ له إلَّا ما وقَع عليه العَقدُ، أو أقَرَّ بعدَ الغَلَطِ لَم يَكُنْ له غيرُ ما وقَع عليه العَقدُ؛ لِرِضاه مِنْ غيرِ عُذرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>