للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفَرقُ بينَ المُرابَحةِ والتَّوليةِ هو أنَّ الخيانةَ في المُرابَحةِ لا تُوجِبُ خُروجَ العَقدِ عن كَونِه مُرابَحةً؛ لأنَّ المُرابَحةَ بَيعٌ بالثَّمنِ الأوَّلِ وبزيادةِ رِبحٍ، وهذا قائِمٌ بعدَ الخيانةِ؛ لأنَّ بَعضَ الثَّمنِ رَأسُ مالٍ، وبَعضَه رِبحٌ، فلَم يَخرُجِ العَقدُ عن كَونِه مُرابَحةً، وإنَّما أوجَبَ تَغييرًا في قَدْرِ الثَّمنِ، وهذا يُوجِبُ خَلَلًا في الرِّضا، فيثبُتُ الخيارُ، كما إذا ظهَرتِ الخيانةُ في صِفةِ الثَّمنِ، بأنْ ظهَر أنَّ الثَّمنَ كانَ نَسيئةً، ونَحوَ ذلك، على ما ذكَرنا، بخِلافِ التَّوليةِ؛ لأنَّ الخيانةَ فيها تُخرِجُ العَقدَ عن كَونِه تَوليةً؛ لأنَّ التَّوليةَ بَيعٌ بالثَّمنِ الأوَّلِ مِنْ غيرِ زيادةٍ ولا نُقصانٍ، وقد ظهَر النُّقصانُ في الثَّمنِ الأوَّلِ، فلو أثبَتْنا الخيارَ لأخرَجناه عن كَونِه تَوليةً، وجعَلناه مُرابَحةً، وهذا إنشاءُ عَقدٍ آخَرَ لَم يَتَراضَيا عليه، وهذا لا يَجوزُ، فحَطَطنا قَدْرَ الخيانةِ وألزَمنا العَقدَ بالثَّمنِ المُتبَقِّي.

هذا إذا كانَ المَبيعُ عندَ ظُهورِ الخيانةِ بمَحَلِّ الفَسخِ؛ فأمَّا إذا لَم يَكُنْ، بأنْ هلَك أو حدَث به ما يَمنَعُ الفَسخَ بطَل خِيارُه ولزِمه جَميعُ الثَّمنِ؛ لأنَّه إذا لَم يَكُنْ بمَحَلِّ الفَسخِ لَم يَكُنْ في ثُبوتِ الخيارِ فائِدةٌ، فيَسقُطُ كما في خيارِ الشَّرطِ وخيارِ الرُّؤيةِ (١).

وقال المالِكيَّةُ: إنَّ البائِعَ إذا كذَب على المُشتَري في بَيعِ المُرابَحةِ، بأنْ زادَ في ثَمَنِ السِّلعةِ على ما هو في الواقِعِ، سَواءٌ كانَ عَمدًا أو غَير عَمدٍ، كما


(١) «البدائع» (٥/ ٢٢٥، ٢٢٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ١٠٤، ١٠٨)، و «اللباب» (١/ ٣٩٤، ٣٩٥)، و «الهداية» (٣/ ٥٦)، و «العناية شرح الهداية» (٩/ ٢٤٩)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٥٠٠)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ١٣٢، ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>