للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشترَيتُ بعَشَرةٍ وبِعتُكَ برِبحِ ده يازده، أو قال: اشترَيتُ بعَشَرةٍ ووَلَّيتُكَ بما اشترَيتُه، ثم تَبيَّن أنَّه كانَ اشتَراه بتِسعةٍ فقد اختُلِف في حُكمِه:

فقال أبو يُوسفَ -وهو الأظهَرُ عندَ الشافِعيَّةِ والمَذهبُ عندَ الحَنابِلةِ كما سَيَأتي مُفصَّلًا-: لا خيارَ لِلمُشتَري ويَلزَمُه البَيعُ، ولكنْ يَحُطُّ قَدْرَ الخيانةِ فيهما جَميعًا، وذلك دِرهَمٌ في التَّوليةِ، ودِرهَمٌ في المُرابَحةِ، وحِصَّةٌ مِنْ الرِّبحِ، وهو جُزءٌ مِنْ عَشَرةِ أجزاءٍ مِنْ دِرهَمٍ؛ لأنَّ الثَّمنَ الأوَّلَ أصلٌ في بَيعِ المُرابَحةِ والتَّوليةِ، فإذا ظهَرتِ الخيانةُ تَبيَّن أنَّ تَسميةَ قَدْرِ الخيانةِ لَم تَصحَّ، فألغَتْ تَسميتَه، وبَقيَ العَقدُ لازِمًا بالثَّمنِ المُتبَقِّي.

وقال مُحمَّدٌ -وهو مُقابِلُ الأظهَرِ عندَ الشافِعيَّةِ-: لِلمُشتَري الخيارُ فيهما جَميعًا، إنْ شاءَ أخَذه بجَميعِ الثَّمنِ، وإنْ شاءَ رَدَّه على البائِعِ؛ لأنَّ المُشتَريَ لَم يَرضَ بلُزومِ العَقدِ إلَّا بالقَدْرِ المُسَمَّى مِنْ الثَّمنِ، فلا يَلزَمُ بدونِه، ويثبُتُ له الخيارُ؛ لِفَواتِ السَّلامةِ عن الخيانةِ، كما يثبُتُ الخيارُ بفَواتِ السَّلامةِ عن العَيبِ، إذا وجَد المَبيعَ مَعيبًا.

وأمَّا الإمامُ أبو حَنيفةَ ففرَّق بينَ المُرابَحةِ والتَّوليةِ، فقال في المُرابَحةِ مثلَ قَولِ مُحمَّدٍ: المُشتَري بالخيارِ في المُرابَحةِ، إنْ شاءَ أخَذه بجَميعِ الثَّمنِ، وإنْ شاءَ ترَك وفُسِخ البَيعُ.

وقال في التَّوليةِ مثلَ قَولِ أبي يُوسفَ أنَّه لا خيارَ له، لكنْ يَحُطُّ قَدْرَ الخيانةِ ويَلزَمُ العَقدُ بالثَّمنِ المُتبَقِّي.

فاختارَ قَولَ مُحمَّدٍ في المُرابَحةِ وقَولَ أبي يُوسفَ في التَّوليةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>