للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسلِمونَ سَيِّئًا فهو عندَ اللَّهِ سَيِّئٌ»، ثم إنَّ الصَّبغَ وأمثالَه يَزيدُ في القيمةِ، والقيمةُ تَختلِفُ باختِلافِ المَكانِ، ويَقولُ عندَ البَيعِ: قامَ علَيَّ بكذا، ولا يَقولُ اشتَرَيتُه بكذا، كَيْلَا يَكونَ كاذِبًا.

وأمَّا أُجرةُ الرَّاعي والطَّبيبِ والحَجَّامِ والخَتَّانِ والبَيطارِ، وفِداءُ الجِنايةِ، وما أنفَقَ على نَفْسِه مِنْ تَعليمِ صِناعةٍ أو قُرآنٍ أو شِعرٍ؛ فلا يُلحَقُ برَأسِ المالِ، ويُباعُ مُرابَحةً وتَوليةً على الثَّمنِ الأوَّلِ الواجِبِ بالعَقدِ الأوَّلِ لا غيرُ، لأنَّ العادةَ ما جَرَتْ مِنْ التُّجَّارِ بإلحاقِ هذه المُؤَنِ برَأسِ المالِ.

وكذا المَضارِبُ ما أنفَقَ على الرَّقيقِ مِنْ طَعامِهم وكِسوَتِهم، وما لا بدَّ لَهم منه بالمَعروفِ، يُلحَقُ برَأسِ المالِ؛ لِجَرَيانِ العادةِ بذلك، وما أنفَقَ على نَفْسِه في سَفَرِه لا يُلحَقُ به؛ لأنَّه لا عادةَ فيه، والتَّعويلُ في هذا البابِ على العادةِ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: إذا كانَ قد أصابَ صاحِبُ السِّلعةِ زيادةً على ثَمَنِها فإنْ كانَتِ الزِّيادةُ ممَّا لَه عَينٌ قائِمةٌ حَسَبَها صاحِبُ السِّلعةِ مع الثَّمنِ، وجعَل لَها قِسطًا مِنْ الرِّبحِ، وذلك كالخياطةِ والصِّباغةِ والقِصارةِ.

وإنْ لَم يَكُنْ لَها عَينٌ قائِمةٌ، وعَمِلَها بنَفْسِه، كالطَّيِّ والنَّشرِ، لَم يَحسُبْها في الثَّمنِ، ولَم يَجعَلْ لَها قِسطًا مِنْ الرِّبحِ، فإنِ استَأجَرَ عليها حَسَبَها في الثَّمنِ، ولَم يَجعَلْ لَها قِسطًا مِنْ الرِّبحِ، ككِراءِ نَقلِ المَتاعِ وشَدِّه، ويَجوزُ له أنْ يَحسُبَ ذلك كُلَّه إذا بيَّنه لِلمُشتَري (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٢٢٣).
(٢) «القوانين الفقهية» (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>