وقالَ الشافِعيَّةُ: يَصحُّ البَيعُ بالعَرضِ في المُرابَحةِ، فيَقولُ بعَرضٍ قيمَتُه كذا، ولا يَقتصِرُ على ذِكرِ القيمةِ، وإنْ باعَه بلَفظِ القيامِ؛ لأنَّه يُشدِّدُ فيه فَوقَ ما يُشدِّدُ بالنَّقدِ، ولو اختَلَفتْ قيمَتُه اعتُبِرتْ يَومَ الِاستِقرارِ لا العَقدِ.
وأمَّا التَّوليةُ فيُشترَطُ فيها كَونُ الثَّمنِ مِثليًّا؛ لِيأخُذَ المَولَى مثلَما بَذَلَ؛ فإنِ اشتَرَى بعَرضٍ لَم يَصحَّ أنْ يُولِّيَه -أي: العَقدَ- إلَّا مَنْ انتَقلَ العَرضُ إليه مِلْكًا، فإنْ قالَ المُشتَري بالعَرضِ: قامَ علَيَّ بكذا وقد وَلَّيتُكَ العَقدَ بما قامَ علَيَّ، وذكَر، جازَ، ولو اشتَراه بعَرضٍ وقالَ: قامَ علَيَّ بكذا وقد وَلَّيتُكَ العَقدَ بما قامَ علَيَّ، أو وَلَّتِ المَرأةُ في صَداقِها بلَفظِ القيامِ، أو الرَّجُلُ في عِوَضِ الخُلعِ، فوَجهانِ، أصَحُّهما الجَوازُ، ولو أخبَرَ المُوَلِّي عَمَّا اشتَرَى به وكَذَبَ في إخبارِه بالثَّمنِ، فقيلَ: هو كالكَذِبِ في المُرابَحةِ، وقيلَ: يُحَطُّ قَدرُ الخيانةِ قَولًا واحِدًا.
وقالَ المالِكيَّةُ: يَجوزُ أنْ يَكونَ ثَمَنُ السِّلعةِ المَبيعةِ مُرابَحةً عَرضًا مُقوَّمًا مَضمونًا، كما لو اشتَرَى ثَوبًا بحَيَوانٍ مَضمونٍ، أو عَرضٍ، فإنَّه يَجوزُ أنْ يَبيعَ مُرابَحةً بمِثلِ ذلك الحَيَوانِ، أو عَرضٍ مِثلِه على الوَصفِ، لا القيمةِ، ويَزيدُه عليه زيادةً مَعلومةً، وهو مَذهبُ ابنِ القاسِمِ، ومنَعه أشهَبُ على عَبدٍ مَوصوفٍ ليسَ عندَ المُشتَري لِمَا فيه مِنْ السَّلَمِ الحالِّ.
فإذا أرادَ بَيعَها مُرابَحةً على ذلك المُقوَّمِ فلا بدَّ أنْ يَبيعَها بمُقوَّمٍ مُماثِلٍ لِلمُقوَّمِ الأوَّلِ في صِفَتِه، ويَزيدُه المُشتَري عليه رِبحًا مَعلومًا، ولا يَجوزُ له بَيعُها مُرابَحةً على قيمةِ المُقوَّمِ الذي اشتُريَتْ به.