٤ - ألَّا يَكونَ الثَّمنُ في العَقدِ الأوَّلِ مُقابَلًا بجِنسِه مِنْ أموالِ الرِّبا، -وهي عندَ الحَنفيَّةِ والحَنابِلةِ كلُّ مَكيلٍ أو مَوزونٍ، وعندَ المالِكيَّةِ كلُّ مُقتاتٍ مُدَّخَرٍ، وعندَ الشافِعيَّةِ كلُّ مَطعومٍ، وقد سبَق ذِكرُها مُفصَّلًا- وهذا الشَّرطُ مُتَّفقٌ عليه؛ فإنْ كانَ بأنِ اشتَرَى المَكيلَ أو المَوزونَ عندَ الحَنفيَّةِ -وكذا الحَنابِلةُ- بجِنسِه مِثْلًا بمِثْلٍ، لَم يَجُزْ له أنْ يَبيعَه مُرابَحةً؛ لأنَّ المُرابَحةَ بَيعٌ بالثَّمنِ الأوَّلِ مع زيادةٍ، والزِّيادةُ في أموالِ الرِّبا تَكونُ رِبًا لا رِبحًا، وكذا لا يَجوزُ بَيعُه مُواضَعةً؛ لِمَا قُلنا، وله أنْ يَبيعَه تَوليةً؛ لأنَّ المانِعَ هو تَحقُّقُ الرِّبا، ولَم يُوجَدْ في التَّوليةِ، ولأنَّه بَيعٌ بالثَّمنِ الأوَّلِ مِنْ غيرِ زيادةٍ ولا نُقصانٍ، وكذا الإشراكُ؛ لأنَّه تَوليةٌ، لَكِن ببَعضِ الثَّمنِ.
وأمَّا عندَ اختِلافِ الجِنسِ فلا بَأْسَ بالمُرابَحةِ حتى لو اشتَرَى دينارًا بعَشَرةِ دَراهِمَ، فباعَه برِبحِ دِرهَمٍ، أو بثَوبٍ بعَينِه، جازَ؛ لأنَّ المُرابَحةَ بَيعٌ بالثَّمنِ الأوَّلِ مع زيادةٍ، ولو باعَ دينارًا بأحَدَ عشَرَ دِرهَمًا أو بعَشَرةِ دَراهِمَ وثَوبٍ كانَ جائِزًا، كذا هذا.
٥ - أنْ يَكونَ العَقدُ الأوَّلُ صَحيحًا؛ فإنْ كانَ فاسِدًا لَم يَجُزْ بَيعُ المُرابَحةِ؛ لأنَّ المُرابَحةَ بَيعٌ بالثَّمنِ الأوَّلِ مع زيادةِ رِبحٍ، والبَيعُ الفاسِدُ -وإنْ كانَ يُفيدُ المِلْكَ عندَ الحَنفيَّةِ في الجُملةِ كما تَقدَّمَ- يثبُتُ المِلْكُ فيه بقيمةِ المَبيعِ أو بمِثلِه، لا بالثَّمنِ المَذكورِ في العَقدِ؛ لِفَسادِ التَّسميةِ، وهذا لا يَتَّفقُ مع مُقتَضَى عَقدِ المُرابَحةِ القائِمِ على مَعرِفةِ الثَّمنِ الأوَّلِ ذاتِه، لا القيمةِ أو المِثلِ.