للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ باعَه مِمَّنْ ليسَ في مِلكِه ويَدِه لَم يَجُزْ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ بَيعُه مُرابَحةً بالعَرضِ عَينِه؛ إذ إنَّه ليسَ في يَدِه ولا مِلكِه، ولا يُمكِنُ بَيعُه منه بقيمَتِه؛ لأنَّ قيمَتَه مَجهولةٌ تُعرَفُ بالحَزرِ والظَّنِّ، وفيه يَختلِفُ أهلُ التَّقويمِ.

وإنْ باعَه مُرابَحةً مِمَّنْ كانَ العَرضُ في يَدِه ومِلكِه يُنظَرُ:

- إنْ جعَل الرِّبحَ شَيئًا مُتميِّزًا مُفرَدًا عن رَأسِ المالِ، مَعلومًا، كالدَّراهِمِ، وثَوبٍ مُعيَّنٍ مَثَلًا، جازَ؛ لأنَّ الثَّمنَ الأوَّلَ مَعلومٌ، والرِّبحَ مَعلومٌ، مثلَ أنْ يَقولَ: أبيعُكَ مُرابَحةً بالثَّوبِ الذي في يَدِكَ، وبِرِبحِ عَشَرةِ دَراهِمَ.

- وإنْ جعَل الرِّبحَ جُزءًا مِنْ رَأسِ المالِ، كأنْ يَقولَ: كلُّ عَشَرةٍ رِبحُها واحِدٌ، أي أنَّ الرِّبحَ بالعُشرِ، وهو المَعروفُ قَديمًا برِبحِ (ده يازده) (١) لَم يَجُزْ؛ لأنَّه جعَل الرِّبحَ جُزءًا مِنْ العَرضِ، والعَرضُ ليسَ مُتماثِلَ الأجزاءِ، وإنَّما يُعرَفُ بالتَّقويمِ، والقيمةُ مَجهولةٌ؛ لأنَّ مَعرِفَتَها بالحَزرِ والظَّنِّ.

وأمَّا بَيعُه وَضيعةً مِمَّنْ العَرضُ في يَدِه ومِلكِه؛ فالحُكمُ فيه على عَكسِ المُرابَحةِ: وهو أنَّه إنْ جعَل الوَضيعةَ شَيئًا مُتميِّزًا عن رَأسِ المالِ مَعلومًا كالدَّراهِمِ ونَحوِها، لا يَجوزُ، لأنَّه يَحتاجُ إلى حَطِّ ذلك القَدْرِ عن رَأسِ المالِ، وهو مَجهولٌ.

وإنْ جعَل الوَضيعةَ مِنْ جِنسِ رَأسِ المالِ، بأنْ باعَه بوَضعِ العُشرِ، أي أنَّ كُلَّ عَشَرةٍ يَنقُصُ منها واحِدٌ، جازَ البَيعُ بعَشَرةِ أجزاءٍ مِنْ أحَدَ عشَرَ جُزءًا مِنْ رَأسِ المالِ، لأنَّ الجُزءَ المَوضوعَ جُزءٌ شائِعٌ مِنْ رَأسِ مالٍ مَعلومٍ.


(١) معنى: «دَهْ يازْدَهْ»: كلُّ عشَرةٍ أحدَ عشَرَ. (أَيْ كلُّ عشْرةٍ رِبحُها واحدٌ) وهِي كَلمةٌ فارسِيّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>