للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتَزوَّجَ المَوعودُ أو اشتَرَى البِضاعةَ ثم نكَل الواعِدُ عن القَرضِ؛ فإنَّه يُجبَرُ قَضاءً على تَنفيذِ وَعدِه (١).

وقد شَرَحَ هذه الأقوالَ وبيَّنها الإمامُ الحَطَّابُ المالِكيُّ، فقالَ في «تَحريرِ الكَلامِ في مَسائِلِ الالتزامِ»: الوَفاءُ بالعِدَةِ مَطلوبٌ بلا خِلافٍ، واختُلِفَ في وُجوبِ القَضاءِ بها على أربَعةِ أقوالٍ، حَكاها ابنُ رُشدٍ في كِتابِ جامِعِ البُيوعِ، وفي كِتابِ العاريةِ، وفي كِتابِ العِدَةِ، ونقَلها عنه غيرُ واحِدٍ، فقيلَ: يُقضى بها مُطلَقًا، وقيلَ: لا يُقضى بها مُطلَقًا، وقيلَ: يُقضى بها إنْ كانَتْ على سَبَبٍ، وإنْ لَم يَدخُلِ المَوعودُ بسَبَبِ العِدَةِ في شَيءٍ، كقَولِكَ: أُريدُ أنْ أتَزوَّجَ، أو أنْ أشتَريَ كذا، أو أنْ أقَضيَ غُرَمائي، فأسلِفْني كذا، أو أُريدَ أنْ أركَبَ غَدًا إلى مَكانِ كذا، فأعِرْني دابَّتَكَ، أو أنْ أحرُثَ أرضي، فأعِرْني بَقَرَتَكَ، فقالَ: نَعَمْ، ثم بَدا له قبلَ أنْ يَتزوَّجَ، أو أنْ يَشتَريَ، أو أنْ يُسافِرَ، فإنَّ ذلك يَلزَمُه، ويُقضى عليه به ما لَم تَترُكِ الأمرَ الذي وَعَدَكَ عليه، وكذا لو لَم تَسألْه، وقالَ لَكَ هو مِنْ نَفْسِه: أنا أُسَلِّفُكَ كذا، أو أهَبُ لَكَ كذا لِتَتزوَّجَ، أو لِتَقضيَ دَينَكَ، أو نَحوَ ذلك، فإنَّ ذلك يَلزَمُه ويُقضى عليه به.

ولا يُقضي بها إنْ كانَتْ على غيرِ سَبَبٍ، كما إذا قُلتَ: سَلِّفْني كذا، ولَم تَذكُرْ سَبَبًا، أو أعِرْني دابَّتَكَ، أو بَقَرَتَكَ، ولَم تَذكُرْ سَبَبًا، سَفَرًا ولا حاجَةً، فقالَ: نَعَمْ، ثم بَدا له، أو قالَ هو مِنْ نَفْسِه: أنا أُسَلِّفُكَ كذا، أو أهَبُ لَكَ كذا، ولَم يَذكُرْ سَبَبًا، ثم بَدا له.


(١) يُنظر: «البيان والتحصيل» (١٥/ ٣٤٤، ٣٤٦)، و «الذخيرة» (٦/ ٢٩٧، ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>