والرابعُ: يُقضَى بها إنْ كانَتْ على سَبَبٍ ودخَل المَوعودُ بسَبَبِ العِدَةِ في شَيءٍ، وهذا هو المَشهورُ مِنْ الأقوالِ. قالَ في آخِرِ الرَّسمِ الأوَّلِ مِنْ سَماعِ أصبَغَ مِنْ جامِعِ البُيوعِ: قالَ أصبَغُ: سَمِعتُ أشهَبَ وسُئلَ عن رَجُلٍ اشتَرَى مِنْ رَجُلٍ كَرمًا فخافَ الوَضيعةَ فأتَى لِيَستَوضِعَه، فقالَ له: بِعْ وأنا أُرضيكَ، قالَ: فإنْ باعَ برَأْسِ مالِه أو برِبحٍ فلا شَيءَ عليه، وإنْ باعَ بوَضيعةٍ كانَ عليه أنْ يُرضيَه، فإنْ زَعَمَ أنَّه أرادَ شيئًا سَمَّاه فهو ما أرادَ، وإنْ لَم يَكُنْ أرادَ شَيئًا أرضاه بما شاءَ وحلَف باللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هو ما أرادَ أكثَرَ مِنْ ذلك، وإنْ لَم يَكُنْ أرادَ شَيئًا يَومَ قالَ ذلك. قالَ أصبَغُ: وسَألتُ عنها ابنَ وَهبٍ فقالَ: عليه رِضاه بما يُشبِهُ ثَمَنَ تلك السِّلعةِ والوَضيعةِ فيها، قالَ أصبَغُ: وقَولُ ابنِ وَهبٍ هو أحسَنُ عِندي، وهو أحَبُّ إلَيَّ إذا وَضَعَ فيها، قالَ مُحمَّدُ بنُ رُشدٍ: قَولُه: بِعْه وأنا أُرضيكَ عِدَةٌ، إلَّا أنَّها عِدَةٌ عَلى سَبَبٍ، وهو البَيعُ، والعِدَةُ إذا كانَتْ على سَبَبٍ لَزِمتْ؛ لِحُصولِ السَّببِ في المَشهورِ مِنْ الأقوالِ … قُلتُ: وهذا القَولُ الذي شَهَرَه ابنُ رُشدٍ، قالَ الشَّيخُ أبو الحَسَنِ في أوَّلِ كِتابِ العِتقِ الأوَّلِ، وفي كِتابِ الغَرَرِ بأنَّه مَذهبُ المُدَوِّنةِ، لقولِه في آخِرِ كِتابِ الغَرَرِ: وإنْ قالَ: اشتَرِ عَبدَ فُلانٍ وأنا أُعينُكَ بألْفِ دِرهَمٍ، فاشتَراه، لزِمه ذلك الوَعدُ. اه.
وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ في سَماعِه مِنْ كِتابِ العاريةِ، وقَولُ سَحنونٍ في كِتابِ العِدَةِ، ونَصُّه في سَماعِ عيسى: قُلتُ لِسَحنونٍ: ما الذي يَلزَمُ مِنْ العِدَةِ في السَّلَفِ والعاريةِ؟