للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الثاني: أنَّ الوَعدَ لازِمٌ في كلِّ ما وَعَدَ به، ويُقضَى به، وإنْ لَم يَكُنْ على سَبَبٍ، ورُويَ عن عمرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ أنَّه قَضَى به (١).

القَولُ الثالِثُ: أنَّه يُقضَى بالعِدَةِ إنْ كانَتْ على سَبَبٍ، وإنْ لَم يَدخُلِ المَوعودُ بسَبَبِ العِدَةِ في شَيءٍ، وهو قَولُ أصبَغَ، كقَولِكَ: أُريدُ أنْ أتزوَّجَ، أو أنْ أشتَريَ كذا، أو أنْ أقضيَ غُرَمائي، فأسلِفْني كذا، أو: أُريدُ أنْ أركَبَ غَدًا إلى مَكانِ كذا، فأعِرْني دابَّتَكَ، أو: أنْ أحرُثَ أرضي، فأعِرْني بَقَرتَكَ، فقالَ: نَعَمْ، ثم بَدا له الرُّجوعُ قبلَ أنْ يَتزوَّجَ، أو أنْ يَشتَريَ، أو أنْ يُسافِرَ، فإنَّ ذلك يَلزَمُه، ويُقضَى عليه به ما لَم تَترُكِ الأمرَ الذي وَعَدَكَ عليه.

فإنْ لَم تَسألْه وقالَ لَكَ هو مِنْ نَفْسِه: أنا أُسَلِّفُكَ كذا، أو أهَبُ لَكَ كذا؛ لِتَقضيَ دَينَكَ، أو لِتَتزوَّجَ، أو نَحوَ ذلك، فإنَّ ذلك يَلزَمُه ويُقضَى به عليه.

ولا يُقضَى بها إنْ كانَتْ على غيرِ سَبَبٍ، كما إذا قُلتَ: أسْلِفْني كذا، ولَم تَذكُرْ سَبَبًا، أو أعِرْني دابَّتَكَ، أو بَقَرتَكَ، ولَم تَذكُرْ سَفَرًا، ولا حاجَةً، فقالَ: نَعَمْ، ثم بَدا له، أو قالَ هو مِنْ نَفْسِه: أنا أُسَلِّفُكَ كذا، أو أهَبُ لَكَ كذا، ولَم يَذكُرْ سَبَبًا، ثم بَدا له فإنَّه لا يُلزَمُ، ولا يُقضَى به عليه.

والقَولُ الرابعُ -وهو المَشهورُ-: يُقضَى بها إنْ كانَتْ على سَبَبٍ ودخَل المَوعودُ بسَبَبِ العِدَةِ في شَيءٍ، أو التِزامٍ ماليٍّ بمُباشَرةِ ذلك السَّببِ، بِناءً على هذا الوَعدِ، وذلك كما لو وَعَدَ شَخصٌ شَخصًا آخَرَ بأنْ يُقرِضَه مَبلَغًا مِنْ المالِ بسَبَبِ عَزمِه على الزَّواجِ؛ لِيَدفَعَه مَهرًا، أو لِيَشتَريَ به بِضاعةً؛


(١) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>