للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصف: ٣]، ولِخَبَرِ: «آيةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا وَعَدَ أخلَفَ»، وحَمْلًا على وَعدٍ واجِبٍ وبِإسنادٍ حَسَنٍ: «العِدةُ عَطيَّةٌ»، وبِإسنادٍ ضَعيفٍ: «العِدةُ دَيْنٌ» (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رَجَبٍ : قد اختلَف العُلماءُ في وُجوبِ الوَفاءِ بالوَعدِ، فمنهم مَنْ أوجَبَه مُطلَقًا وذكَر البُخاريُّ في صَحيحِه أنَّ ابنَ أشْوَعَ قَضى بالوَعدِ، وهو قَولُ طائِفةٍ مِنْ أهلِ الظاهِرِ وغيرِهم، ومنهم مَنْ أوجَبَ الوَفاءَ به إذا اقتَضى نَفعًا لِلمَوعودِ، وهو المَحكيُّ عن مالِكٍ، وكَثيرٌ مِنْ الفُقهاءِ لا يُوجِبونَه مُطلَقًا (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ حَزمٍ الظاهِريُّ : ليسَ كلُّ وَعدٍ يَجِبُ الوَفاءُ به، وإنَّما يَجِبُ الوَفاءُ بالوَعدِ بالواجِبِ الذي افتَرَضَه اللَّهُ فَقط، ولا يَلزَمُ أحَدًا ما التَزَمَه، لكنْ ما ألزَمَه اللَّهُ على لِسانِ نَبيِّه ، فهو الذي يَلزَمُ، سَواءٌ التَزَمَه المَرءُ أو لَم يَلتَزِمْه (٣).

وقالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : قالَ أبو حَنيفةَ وأصحابُه والأوزاعيُّ والشافِعيُّ وعُبَيدُ اللَّهِ بنُ الحُسَينِ وسائِرُ الفُقهاءِ: أمَّا العِدةُ فلا يَلزَمُه منها شَيءٌ؛ لأنَّها مَنافِعُ لَم يَقبِضْها في العاريةِ؛ لأنَّها طارِئةٌ، وفي غيرِ العاريةِ أشخاصٌ وأعيانٌ مَوهوبةٌ لَم تُقبَضْ، ولِصاحِبِها الرُّجوعُ فيها (٤).


(١) «الفروع» (٦/ ٣٦٩)، و «المبدع في شرح المقنع» (٩/ ٣٤٥).
(٢) «جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم» ص (٤٣١، ٤٣٢).
(٣) «المحلى» (٨/ ٢٠٥، ٢٠٦).
(٤) «التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» (٣/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>