للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن نَحا نَحوَها بأنَّ الكَراهةَ لِلتَّنزيهِ على ما إذا وَعَدَ وكانَ مِنْ نِيَّتِه الوَفاءُ، ثم طَرَأ الخُلفُ فلا مُخالَفةَ. اه.

قالَ سَيِّدي الوالِدُ : لا يَلزَمُ الوَفاءُ بالوَعدِ شَرعًا (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : الوَفاءُ بالوَعدِ مُستحَبٌّ استِحبابًا مُؤكَّدًا، ويُكرَهُ إخلافُه كَراهةً شَديدةً، ودَلائِلُه مِنْ الكِتابِ والسُّنةِ مَعلومةٌ (٢).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ زَكَريا الأنصاريُّ : وإنَّما لَم يَجِبِ الوَفاءُ بالوَعدِ ولَم يَحرُمْ إخلافُه لأنَّه في مَعنَى الهِبةِ، وهي لا تَلزَمُ إلَّا بالقَبضِ (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ مُفلِحٍ : لا يَلزَمُ الوَفاءُ بالوَعدِ، نصَّ عليه، وقالَه أكثَرُ العُلماءِ … لأنَّه لا يَحرُمُ بلا استِثناءٍ؛ لقولِه تَعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: ٢٣ - ٢٤]، ولأنَّه في مَعنَى الهِبةِ قبلَ القَبضِ، وذكَر شَيخُنا وَجْهًا يَلزَمُ، واختارَه، ويُتوَجَّهُ بأنَّه رِوايةٌ مِنْ تَأجيلِ العاريةِ والصُّلحِ عن عِوَضِ المُتلَفِ بمُؤجَّلٍ، ولِمَا قيلَ لِلإمامِ أحمدَ: بمَ يُعرَفُ الكَذَّابونَ؟ قالَ: بخُلفِ المَواعيدِ. وهذا مُتَّجَهٌ، وقالَه مِنْ الفُقهاءِ ابنُ شُبرُمةَ.

وقالَ ابنُ العَرَبيِّ المالِكيِّ : أجَلُّ مَنْ قالَ به عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وذلك لقولِ الله : ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾


(١) «حاشية رد المختار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار» (٨/ ٣٨٦، ٣٨٧).
(٢) «روضة الطالبين وعمدة المفتين» (٤/ ٢٠٠).
(٣) «أسنى المطالب في شرح روض الطالب» (٢/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>