بأحَدِهما عَيبًا فصالَحَ على أنْ يَرُدَّه بالعَيبِ على أنْ يَزيدَ في ثَمَنِ الآخَرِ دِرهَمًا فالرَّدُّ جائِزٌ وزِيادةُ الدَّراهِمِ باطِلةٌ في قَولِ أبي حَنيفةَ ومُحمَّدٍ.
وقالَ الشافِعيَّةُ في المَذهبِ وزُفَرُ مِنْ الحَنفيَّةِ والحَنابِلةِ في قَولٍ: ليسَ له رَدُّ أحَدِهما وإمساكُ الآخَرِ؛ فإمَّا أنْ يَرُدَّهما جَميعًا -إنْ كانَتِ البَقيَّةُ باقيةً في مِلكِه، أو يُمسِكَهما ويَأخُذَ الأرشَ؛ لأنَّ الصَّفقةَ واحِدةٌ، وضَمُّ الجَيِّدِ إلى الرَّديءِ عادةٌ مَعروفةٌ، ولو رَدَّ المَعيبَ تَضرَّرَ البائِعُ بذلك؛ فليسَ له ذلك إلَّا أنْ يَرُدَّهما جَميعًا، إلَّا أنْ يَرضَى البائِعُ، على الأصَحِّ عندَ الشافِعيَّةِ.
وعن الإمامِ أحمدَ أنَّه إنْ كانَ يَعرِفُ سِعرَ كلِّ واحِدٍ رَدَّه وحَبَسَ الصَّحيحَ، وإنْ لَم يَعرِفْ واشتَراهما صَفقةً واحِدةً لَم يَرُدَّ وأخَذ أرشَ العَيبِ، وهو اختيارُ أبي بَكرٍ.
وقالَ المالِكيَّةُ: إذا اطَّلَعَ المُشتَري على عَيبٍ في بَعضِ المَبيعِ المُقوَّمِ المُعيَّنِ، وليسَ المَعيبُ وَجْهَ الصَّفقةِ، بأن يَكونَ حَظُّه مِنْ الجُملةِ -بعدَ تَقويمِ السِّلَعِ مُنفَرِدةً وضَمِّ بَعضِها إلى بَعضِ- النِّصفَ فأقَلَّ؛ فإنَّه يَرُدُّه بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ، كما إذا اشتَرَى عَشَرةَ أثوابٍ بمِئةٍ، وقيمةُ كلِّ ثَوبٍ عَشَرةٌ، والمَعيبُ واحِدٌ أو اثنانِ إلى خَمسةٍ؛ فيَجِبُ التَّمسُّكُ بالخَمسةِ السَّليمةِ بنِصفِ الثَّمنِ، ورَدُّ المَعيبِ بحِصَّتِه، فإنْ كانَ ثَوبًا رجَع بعُشرِ الثَّمنِ، وهو عَشَرةٌ، أو كانَ ثَوبَيْنِ رجَع بخُمُسِه، وهو عِشرونَ، أو كانَ ثَلاثةَ أثوابٍ رجَع بثَلاثةِ أعشارِه، وهي ثَلاثونَ، أو كانَ أربَعةَ أثوابٍ رجَع بخُمسَيْه، وهُما أربَعونَ، أو كانَ خَمسةَ أثوابٍ رجَع بنِصفِ الثَّمنِ، وهو خَمسونَ.