أمَّا إذا اشتَرَى ثَوبَيْنِ أو عَبدَيْنِ وقبَضهما ثم وجَد بأحَدِهما عَيبًا، اختلَف الفُقهاءُ فيه:
فقالَ الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ والشافِعيُّ في قَولٍ: يَرُدُّ المَعيبَ خاصَّةً بحِصَّتِه، ولا يَرُدُّ الآخَرَ؛ لأنَّه قبَضهما وهُما مُتفرِّقانِ وَقتَ القَبضِ، فصارا كأنَّهما كانا مُتفرِّقَيْنِ وَقتَ العَقدِ، ولأنَّ الصَّفقةَ قد تَمَّتْ بالقَبضِ؛ لأنَّ العَيبَ لا يَمنَعُ تَمامَ الصَّفقةِ، ثم عِلَّةُ الرَّدِّ العَيبُ، وذلك وُجدَ في أحَدِهما، والحُكمُ إنَّما يثبُتُ بحَسَبِ العِلَّةِ، ألَا تَرَى أنَّه لو استَحقَّ أحَدُهما بعدَ القَبضِ لَم يَتخيَّرْ في الآخَرِ؛ فكذلك إذا وجَد العَيبَ في أحَدِهما، بخِلافِ النَّعلَيْنِ، فهُناكَ لو استَحقَّ أحَدَهما كانَ له أنْ يَرُدَّ الآخَرَ؛ لِاتِّصالِ أحَدِهما بالآخَرِ انتِفاعًا.
أمَّا إنْ كانَ قبلَ القَبضِ، فقالَ الحَنفيَّةُ: له أنْ يَرُدَّهما جَميعًا، أو يُمسِكَهما جَميعًا؛ لأنَّ الصَّفقةَ لا تَتِمُّ قبلَ القَبضِ، وتَفريقُ الصَّفقةِ قبلَ التَّمامِ لا يَجوزُ.
والحَنابِلةُ لَم يُفرِّقوا؛ فالحُكمُ واحِدٌ عندَهم، سَواءٌ كانَ قبلَ القَبضِ أو بعدَه.
وإنِ اشتَرَى مَكيلًا أو مَوزونًا فوجَد ببَعضِه عَيبًا بعدَ القَبضِ؛ فإنْ كانَ في وِعاءٍ واحِدٍ فليسَ له رَدُّ بَعضِه؛ فإمَّا أنْ يَرُدَّ الجَميعَ أو يُمسِكَ الجَميعَ.
وإنْ كانَ في أوعيةٍ فوجَد بأحَدِها عَيبًا فهو كالثِّيابِ.
وإذا اشتَرَى ثَوبَيْنِ، اشتَرى كُلَّ واحِدٍ بعَشَرةِ دَراهِمَ وقبَضهما ثم وجَد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute