ثم حيثُ كانَ له الرَّدُّ فليُبادِرْ بالرَّدِّ على العادةِ؛ فلو عَلِمَ العَيبَ وهو يُصَلِّي أو يَأكُلُ فله التَّأخيرُ حتى يَفرُغَ؛ لأنَّه لا يُعَدُّ مُقصِّرًا، وكذا لو كانَ يَقضي حاجَتَه، وكذا لو كانَ في الحَمَّامِ، أو كانَ لَيلًا؛ فحين يُصبِحُ؛ لعَدمِ التَّقصيرِ في ذلك باعتِبارِ العادةِ، ولا يُكلَّفُ العَدْوَ ولا رَكضَ الفَرَسِ ونَحوَ ذلك، ثم إنْ كانَ البائِعُ حاضِرًا رَدَّه عليه؛ فلو رَفَعَ الأمرَ إلى الحاكِمِ فهو آكَدُ؛ فلو رَدَّ وَكيلُه كَفَى، وكذا الرَّدُّ على الوَكيلِ، وإنْ كانَ البائِعُ غائِبًا رَفَعَ الأمرَ إلى الحاكِمِ ولا يُؤخِّرُ لِقُدومِه، ولا لِلسَّفَرِ إليه، والأصَحُّ أنَّه يَلزَمُه الإشهادُ على الفَسخِ إنْ أمكَنَه؛ حتى يُنهيَه إلى البائِعِ أو الحاكِمِ؛ لأنَّه المُمكِنُ.
ومِنَ الأعذارِ عَدَمُ عِلمِه بالرَّدِّ بالعَيبِ؛ فلو أخَّرَ الرَّدِّ مع العِلمِ بالعَيبِ ثم قالَ: أخَّرتُ لِأنِّي لَم أعلَم أنَّ لي الرَّدَّ؛ فإنْ كانَ قَريبَ العَهدِ بالإسلامِ، أو نَشَأ في بَرِّيَّةٍ لا يَعرِفونَ الأحكامَ، فإنَّه يُقبَلُ قَولُه، وله الرَّدُّ، وإلَّا فلا، بَلْ لو قالَ: لَم أعلَم، يَبطُلُ بالتَّأخيرِ قبلَ قَولِه؛ لأنَّه يَخفَى على العَوامِّ.
ثم حيثُ بطَل الرَّدُّ بالتَّقصيرِ بطَل الأرشُ أيضًا، ولو تَراضَيا على تَركِ الرَّدِّ بجُزءٍ مِنْ الثَّمنِ، أو مالٍ آخَرَ فالصَّحيحُ أنَّ هذه مُصالَحةٌ لا تَصحُّ، ويَجِبُ على المُشتَري رَدُّ ما أخَذه، ولا يَبطُلُ حَقُّه مِنْ الرَّدِّ على الصَّحيحِ، وهذا إذا ظَنَّ صِحَّةَ المُصالَحةِ، فإنْ عَلِمَ بُطلانَها بطَل حَقُّه مِنْ الرَّدِّ بلا خِلافٍ.
وقالَ المالِكيَّةُ: السُّكوتُ لِعُذرٍ لا يَمنَعُ الرَّدَّ مُطلَقًا؛ فإذا اطَّلَعَ على العَيبِ وسكَت ثم طَلَبَ الرَّدَّ فإنْ كانَ سُكوتُه لِعُذرِ سَفَرٍ أو غيرِه، كمَرَضٍ أو سِجنٍ أو خَوفٍ مِنْ ظالِمٍ، رَدَّ مُطلَقًا، طالَ أو لا، بلا يَمينٍ، وإنْ كانَ سُكوتُه